شرح قطر الندى وبل الصدى (ابن هشام)،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[اختلاف العرب في كلمة «أمس» مرادا بها اليوم قبل يومك]

صفحة 37 - الجزء 1

  فأمس في البيت فاعل لمضى، وهو مكسور كما ترى.

  وافترقت بنو تميم فرقتين:

  (١) فمنهم من اعربه: بالضمة رفعا، وبالفتحة مطلقا⁣(⁣١)، فقال: مضى أمس، بالضمة، واعتكفت أمس، وما رأيته مذ أمس، بالفتح، قال الشاعر:


= ثم يقول: أنا أعلم ما يحصل في وقتي الحاضر لأنني مشاهد له، وقد أحتال على أن أعمل شيئا، ولكن ما حدث أمس مني ومن غيري لا يمكن لي أن أرده، لأنه قد ذهب وانقطع، ومن لا حيلة له كيف يأمل الخلود؟

الإعراب: «منع» فعل ماض «البقاء» مفعول به مقدم على الفاعل، منصوب بالفتحة الظاهرة «تقلب» فاعل منع، مرفوع بالضمة الظاهرة، وتقلب مضاف و «الشمس» مضاف إليه «وطلوعها» الواو حرف عطف، وطلوع: معطوف على تقلب، والمعطوف على المرفوع مرفوع، وطلوع مضاف وها: مضاف إليه، «من» حرف جر، «حيث» ظرف مكان مبني على الضم في محل جر بمن، والجار والمجرور متعلق بطلوع «لا» نافية «تمسي» فعل مضارع تام، مرفوع بضمة مقدرة على الياء منع من ظهورها الثقل، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي يعود إلى الشمس، وجملة الفعل وفاعله في محل جر بإضافة حيث إليها «وطلوعها» الواو حرف عطف، وطلوع: معطوف أيضا على تقلب، وطلوع مضاف وها: مضاف إليه «حمراء» حال من ضمير المؤنث المجرور محلا بإضافة طلوع إليه «صافية» صفة لحمراء أو حال ثان «وغروبها» الواو عاطفة، وغروب: معطوف على تقلب، وغروب مضاف وها: مضاف إليه «صفراء» حال من «ها» المجرور محلا بإضافة غروب إليها «كالورس» جار ومجرور متعلق بمحذوف حال ثان، أو صفة لصفراء «اليوم» بالرفع، مبتدأ مرفوع بالابتداء وعلامة رفعه الضمة الظاهرة، أو بالنصب على الظرفية الزمانية «أعلم» فعل مضارع، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا «ما» اسم موصول: مفعول به لأعلم، مبني على السكون في محل نصب «يجيء» فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى اليوم «به» جار ومجرور متعلق بيجيء، وجملة يجيء مع فاعله لا محل لها من الإعراب صلة الموصول وهو ما، وجملة أعلم مع فاعله في محل رفع خبر المبتدأ، وهو اليوم إذا قرأته بالرفع، وهو أجود، بل هو الصحيح الجائز.

الشاهد فيه: قوله «أمس» في آخر الأبيات؛ فإن هذه الكلمة قد وردت مكسورة الآخر؛ بدليل قوافي الأبيات كلها، وهي فاعل لمضى، ومن هنا تعلم أن الكلمة مبنية على الكسر في محل رفع؛ لأن الفاعل لا يكون إلا مرفوعا: إما لفظا، أو تقديرا، وإما محلّا.

وبناء «أمس» على الكسرة هو لغة أهل الحجاز، وقد قرر النحاة - بعد استقراء كلام أهل الحجاز وتتبع استعمالاتهم - أنهم لا يبنون أمس على الكسر إلا إذا أريد به معين، ولم يضف، ولم يعرف بأل، ولم يكسر، ولم يصغر، وإن فقد شرطا من هذه الشروط الخمسة أعربوه، وسر بنائه عندهم أنه تضمن معنى حرف وهو «أل» المعرفة.

(١) هو حينئذ معرب إعراب ما لا ينصرف، والمانع له من الصرف العلمية والعدل عن الأمس المعرف بأل.