[اختلاف العرب في كلمة «أمس» مرادا بها اليوم قبل يومك]
  ٣ - لقد رأيت عجبا مذ أمسا ... عجائزا مثل السّعالي خمسا
  يأكلن ما في رحلهنّ همسا ... لا ترك اللّه لهنّ ضرسا
  ولا لقين الدّهر إلّا تعسا
٣ - هذه الأبيات من الشواهد التي لا يعرف قائلها، وقد أنشد سيبويه البيت الأول منها (ج ٢ ص ٤٤)، وقد استشهد الأشموني بالبيت الأول منها كذلك في باب الاسم الذي لا ينصرف، وذكر هذه الأبيات كلها أبو زيد في نوادره، وذكره الأعلم في شرح شواهد كتاب سيبويه الثاني، وروى المؤلف الأبيات الأربعة الأولى في كتاب الشذور (ش ٤٢).
اللغة: «عجائزا» جمع عجوز، وهي المرأة الطاعنة في السن «السعالي» بفتح السين - جمع سعلاة - بكسر السين وسكون العين - وهي الغول، وقيل: ساحرة الجن «همسا» الهمس: الخفاء وعدم الظهور «لا ترك اللّه لهن ضرسا» يدعو عليهن بذهاب أضراسهن، وقوله «ولا لقين الدهر - إلخ» دعاء عليهن أيضا.
المعنى: يذكر أنه رأى شيئا عجيبا في اليوم الذي قبل يومه، وقد بين هذا العجب بأنه خمس نساء يشبهن الغيلان، ويأكلن ما في رحالهن من الطعام أكلا خفيا، ثم دعا عليهن بأن يقلع اللّه جميع أضراسهن.
الإعراب: «لقد» اللام واقعة في جواب قسم محذوف، والتقدير: واللّه لقد رأيت - إلخ، وقد: حرف تحقيق «رأيت» فعل وفاعل «عجبا» مفعول به لرأى وأصله صفة لموصوف محذوف، والتقدير: لقد رأيت شيئا عجبا، ثم حذف الموصوف وأقام الصفة مقامه «مذ» حرف جر «أمسا» مجرور بمذ، وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة لأنه لا ينصرف والمانع له من الصرف العلمية والعدل عن الأمس، والجار والمجرور متعلق برأي «عجائزا» صرفه للضرورة، وهو بدل من قوله عجبا، وبدل المنصوب منصوب، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة «مثل» صفة لعجائز، ومثل مضاف و «السعالي» مضاف إليه، مجرور بكسرة مقدرة على الياء منع من ظهورها الثقل «خمسا» بدل من عجائز أو صفة له، منصوب بالفتحة الظاهرة «يأكلن» فعل مضارع، مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة، ونون النسوة فاعل مبني على الفتح في محل رفع، وجملة الفعل والفاعل في محل نصب صفة لعجائز «ما» اسم موصول: مفعول به ليأكل، مبني على السكون في محل نصب «في» حرف جر «رحلهن» رحل:
مجرور بفي، ورحل مضاف والضمير مضاف إليه، والجار والمجرور متعلق بمحذوف صلة الموصول، وهو ما «همسا» مفعول مطلق، منصوب بالفتحة الظاهرة، وأصله صفة لمصدر محذوف، والتقدير: يأكلن أكلا همسا - أي خفيا - ثم حذف الموصوف وأقام الصفة مقامه «لا» حرف نفي دالّ على الدعاء «ترك» فعل ماض «اللّه» فاعل لترك «لهن» جار ومجرور متعلق بترك «ضرسا» مفعول به لترك.
الشاهد فيه: قوله «مذ أمسا» فإنه أتى بكلمة «أمس» مفتوحة بدليل قوافي بقية الأبيات، مع أنها مسبوقة بحرف جر وهو مذ، فدل ذلك على أن هذه الكلمة تعرب بالفتحة نيابة عن الكسرة عند جماعة من العرب. =