[لقبل وبعد ونحوهما أربع حالات]
  الرواية بخفض «قبل» بغير تنوين، أي: ومن قبل ذلك، فحذف «ذلك» من اللفظ، وقدّره ثابتا، وقرأ الجحدريّ، والعقيليّ: {لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ}(١)، بالخفض بغير تنوين، أي: من قبل الغلب ومن بعده، فحذف المضاف إليه، وقدّر وجوده ثابتا.
  (٣) الحالة الثالثة: أن يقطعا عن الإضافة لفظا، ولا ينوى المضاف إليه؛ فيعربان أيضا الإعراب المذكور ولكنهما ينوّنان؛ لأنهما حينئذ اسمان تامّان، كسائر الأسماء النكرات؛ فتقول: «جئتك قبلا وبعدا، من قبل ومن بعد» قال الشاعر:
  ٥ - فساغ لي الشّراب وكنت قبلا ... أكاد أغصّ بالماء الفرات
= مقدرة على الألف المحذوفة للتخلص من التقاء الساكنين، وعلى ذلك يلزم أن يكون قوله: «قرابة» مفعولا به لنادى منصوبا بالفتحة الظاهرة، وإن كان «مولى» غير منون فمولى مجرور بكسرة مقدرة على الألف الموجودة في اللفظ منع من ظهورها التعذر، وهو على هذا مضاف و «قرابة» مضاف إليه، وعلى هذا الوجه يكون مفعول نادى محذوفا لعدم تعلق الغرض بذكره: أي نادى كل مولى قرابة من ينجده، مثلا «فما» الفاء حرف عطف، وما: نافية «عطفت» عطف: فعل ماض، والتاء علامة التأنيث «مولى» أعربه بعضهم بدلا من ضمير الغائب الذي هو الهاء في قوله: «عليه» الآتي، ويلزم عليه تقديم البدل على المبدل منه وذلك نادر كل الندرة؛ فلا يسوغ الذهاب إليه إلا إن تعين، وليس بمتعين هنا، وأعربه بعضهم حالا من ضمير الغائب، ويلزم عليه تقديم الحال على صاحبها المجرور بحرف الجر، وهذا - مع كونه أخف من سابقه، وله شواهد مسموعة - محل اختلاف العلماء، وليس واحد من هذين الإعرابين بلازم؛ فإنه يجوز أن يكون قوله «مولى» مفعولا به لعطفت تقدم على الفاعل، وقوله «عليه» جار ومجرور متعلق بقوله عطفت، و «العواطف» فاعل عطفت، وهذا الإعراب خير من سابقيه.
الشاهد فيه: قوله «من قبل» فإن الرواية بجر «قبل» بدون تنوين، وذلك لأنه حذف المضاف إليه، ونوى لفظه، وأصل الكلام: ومن قبل ذلك حدث كيت وكيت، واسم الإشارة هو المضاف إليه الذي حذفه من الكلام مع أنه يقصده، ويشار به إلى ما كان يتكلم فيه قبل هذا البيت.
(١) من الآية ٤ من سورة الروم.
٥ - نسب قوم هذا البيت لعبد اللّه بن يعرب، والصواب أنه ليزيد بن الصعق، وأن صحة روايته هكذا:
فساغ لي الشّراب وكنت قبلا ... أكاد أغصّ بالماء الحميم
وهو كذلك في بعض نسخ الشرح، وفي شرح ابن عقيل (٢٣٦) وقد شرحناه هناك وذكرنا قصته، وقد أنشده الأشموني في باب الإضافة (٦٤٣) كما أنشده الشارح، وقد أنشد المؤلف صدره في باب الإضافة من كتاب «أوضح المسالك» (رقم ٣٤٥) وأنشده كذلك في كتابه شذور الذهب (رقم ٤٧) =