شرح قطر الندى وبل الصدى (ابن هشام)،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[ليس فعل، خلافا للفارسي]

صفحة 49 - الجزء 1

  ولما فرغت من ذكر علامات الماضي، وحكمه، وبيان ما اختلف فيه منه ثنّيت


= ومبتدأ على لغة بني تميم، وعلى كل حال هو مرفوع بضمة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة، وليل مضاف وياء المتكلم مضاف إليه، مبني على السكون في محل جر «بنام» الباء حرف جر زائد، وهي داخلة على مقدر ليس مذكورا في الكلام، والتقدير:

ما ليلي بليل نام صاحبه. وليل المقدر هو خبر ما أو خبر المبتدأ، وهو منصوب على الأول ومرفوع على الثاني، وعلامة نصبه أو رفعة فتحة أو ضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد، و «نام» فعل ماض مبني على الفتح «صاحبه» صاحب: فاعل نام، مرفوع بالضمة الظاهرة، وصاحب مضاف والهاء ضمير الغائب مضاف إليه مبني على السكون في محل جر، وجملة الفعل والفاعل في محل نصب أو رفع نعت لليل المحذوف، وقيل: هذه الجملة في محل نصب مقول لقول محذوف؛ وهذا القول المحذوف هو الذي يكون نعتا لليل المحذوف، وأصل الكلام على هذا: واللّه ما ليلي بليل مقول فيه نام صاحبه «ولا» الواو عاطفة، لا زائدة لتأكيد النفي «مخالط» معطوف على محل قوله «بليل نام صاحبه»: إن جعلت محلها نصبا نصبته، وإن جعلت محلها رفعا رفعته؛ ويجوز جره على أن يكون نعتا لليل المحذوف تبعا للفظه، ويجوز أن يكون مرفوعا على أنه خبر لمبتدأ محذوف، والجملة معطوفة على جملة «نام صاحبه» ومخالط اسم فاعل من خالط، وهو مضاف و «الليان» مضاف إليه من إضافة اسم الفاعل إلى مفعوله؛ وقوله جانب من «جانبه» فاعل بمخالط، وجانب مضاف والهاء ضمير الغائب مضاف إليه.

الشاهد فيه: قوله «بنام» فإن الباء حرف جر، ونام فعل ماض، وهذان أمران متفق عليهما بين الكوفيين والبصريين؛ فلا يختلف أحد في أن الباء حرف جر، كما لا يختلف أحد في أن «نام» فعل ماض، ومن المتفق عليه بينهما أيضا أن حرف الجر لا يدخل في اللفظ والتقدير جميعا على الفعل، وإذا كان ذلك كذلك فقد اتفقوا على أن هذه الباء داخلة في التقدير على اسم، كما قررنا في الإعراب.

وقد روى البصريون هذا البيت لإبطال حجة الكوفيين القائلين إن «نعم» اسم بدليل دخول حرف الجر عليها، وطريق الإبطال أن يقال: لا يلزم من دخول حرف الجر في اللفظ على كلمة ما أن تكون هذه الكلمة اسما؛ لأنه يجوز أن يكون التقدير أن حرف الجر داخل على كلمة أخرى محذوفة من اللفظ كما في هذا البيت، وذلك أن كلمة «نام» فعل بالإجماع من الفريقين كما قلنا، وقد دخلت عليها في اللفظ باء الجر؛ فلم يدل دخولها على خروج الكلمة من الفعلية إلى الاسمية؛ فيكون دخول الباء على «نعم» في قول القائل «ما هي بنعم الولد» ودخول «على» على «بئس» في قول الآخر «على بئس العير» غير دال على اسمية نعم وبئس، ويبقى أن دليلنا على فعليتهما دخول علامة الأفعال عليهما كتاء التأنيث في نحو «فبها ونعمت» وفي نحو «بئست المرأة حمالة الحطب».

فإن قلت: فلماذا أولت دليل الكوفيين وزعمت أن مدخول حرف الجر محذوف، ولم تؤول دليل البصريين؟

فالجواب عن ذلك أنني وجدت دخول تاء التأنيث على هذه الأفعال مطردا في الكلام فلم أجرؤ على تأويله، ووجدت دخول حرف الجر غير مطرد في الكلام، كما وجدت حرف الجر يدخل في اللفظ على ما ليس باسم باتفاق الفريقين، ووجدت الفريقين يؤولون هذا كما في هذا الشاهد فلذلك جرؤت على تأويل دليل الكوفيين.