[علامة الفعل المضارع]
  ٩ - ... تعالي أقاسمك الهموم تعالي ...
  بكسر اللام.
[علامة الفعل المضارع]
  ولما فرغت من ذكر علامات الأمر وحكمه، وبيان ما اختلف فيه منه ثلّثت
٩ - هذا عجز بيت لأبي فراس الحمداني، ابن عم سيف الدولة الحمداني ممدوح المتنبي، من كلمة يقولها وهو أسير في بلاد الروم، وصدر البيت مع بيتين سابقين عليه قوله:
أقول وقد ناحت بقربي حمامة ... أيا جارتا، لو تشعرين بحالي
معاذ الهوى ما ذقت طارقة النّوى ... ولا خطرت منك الهموم ببال
أيا جارتا ما أنصف الدّهر بيننا ... تعالي ... إلخ
وقد نسب العلامة الأمير في حاشيته على شذور الذهب البيت لأبي نواس، وهو انتقال نظر، والصواب ما ذكرناه من أنه لأبي فراس؛ وقد ذكر جار اللّه الزمخشري بيت الشاهد في تفسير سورة النساء من الكشاف.
وأبو فراس صاحب هذه الأبيات شاعر مجيد مطبوع، ولكنه لا يستشهد بشعره في اللغة وقواعد النحو والصرف، وذلك لأنه من الشعراء المولدين الذين جاؤوا بعد ما فسدت الألسنة وكثر الدخيل وفشا اللحن، فإنه ولد في سنة (٣٢٠) من الهجرة، وتوفي سنة (٣٥٧)، ولم يذكر المؤلف ولا الزمخشري هذا البيت على أنه شاهد للمسألة، وإنما ذكره الزمخشري على سبيل التمثيل، وذكره المؤلف ليحكم عليه بأنه لحن وخطأ؛ فلا اعتراض عليهما، وقد ذكره المؤلف أيضا في كتابه الشذور (رقم ٦) لمثل ما ذكره هنا.
اللغة: «ناحت» بكت، وبكاء الحمام: تغريده «لو تشعرين بحالي» يريد لو كنت تجدين مثل ما أنا فيه من الهم والآلام لفراق الأهل والأوطان ما سمع أحد صوتك «معاذ الهوى» أي: أعوذ بالهوى معاذا: أي ألجأ إليه لجوءا «طارقة النوى» النوى: البعد والفراق، وطارقته: ما يطرق منه ويحدث.
المعنى: يصف حاله في بعده عن أهله وخلانه، ووقوعه بين أيدي الأعداء أسيرا، ويبث ما يلاقي من آلام الشوق، ويصور ذلك في صورة أنه رأى حمامة تغرد في مكان قريب منه، فشكا إليها ما به؛ وقال: إنك تغردين لأنك لا تشعرين بمثل شعوري، فأنت طليقة وأنا أسير، وأنت على مقربة من فراخك وأنا بعيد عن صحبي وذوي قرباي، ثم طلب إليها أن تحضر إليه لكي تقاسمه ما يجده من آلام.
الإعراب: «تعالي» فعل أمر، مبني على حذف النون، وياء المؤنثة المخاطبة فاعل مبني على السكون في محل رفع «أقاسمك» أقاسم: فعل مضارع، مجزوم في جواب الأمر، وعلامة جزمه السكون، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا، والكاف ضمير المخاطبة المؤنثة مفعول به أول لأقاسم، مبني على الكسر في محل نصب «الهموم» مفعول ثان لأقاسم، منصوب بالفتحة الظاهرة «تعالي» مثل تعالي السابق في الإعراب، وهو تأكيد له.
التمثيل به: محل التمثيل بهذا البيت قوله «تعالي» حيث نطق بها هذا الشاعر مكسورة اللام؛ بدليل =