شرح قطر الندى وبل الصدى (ابن هشام)،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[علامة الفعل المضارع]

صفحة 53 - الجزء 1

  بالمضارع؛ فذكرت أن علامته أن يصلح دخول «لم» عليه، نحو {لَمْ يَلِدْ، وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ}⁣(⁣١)؛ وذكرت أنّه لا بدّ أن يكون في أوله حرف من حروف «نأيت» - وهي: النون، والألف، والياء، والتاء - نحو «نقوم، وأقوم، ويقوم، وتقوم» وتسمى هذه الأربعة «أحرف المضارعة»⁣(⁣٢).


= قوافي بقية الأبيات، والمعروف عن العرب أنهم يفتحون لام هذه الكلمة في كل حال من أحوالها، سواء أسندت إلى الضمير المستتر، أم إلى الضمير البارز لواحدة، أو لاثنين، أو لجمع؛ فيكون هذا الشاعر قد خالف لغة العرب، ومن يخالف لغة العرب في كلامه العربي يعتبر لاحنا، ولهذا حكم العلماء على هذا الشاعر بأنه لحن في هذا البيت.

هذا تفصيل كلام الشارح وبيانه، ولكن هذا الذي ذكره الشارح غير مسلم به، وذلك لأن العلماء قد نصوا في هذه الكلمة على أن للعرب في استعمالها وجهين:

الوجه الأول: التزام فتح لامها في كل الأحوال؛ فيكون شأن هذه الكلمة كشأن غيرها من الأفعال المعتلة الآخر بالألف، مثل تغاضى وتزكى، كما ذكره المؤلف.

والوجه الثاني: أن يفتحوا اللام إذا أسند إلى ضمير الواحد المذكر أو الاثنين، أو جمع النسوة، ويكسروا اللام إذا أسند إلى ضمير الواحدة، ويضموا اللام إذا أسند إلى جماعة الذكور، حكوا أن أهل الحجاز يقولون «تعالي» بكسر اللام، وقرأ الحسن في الآية ٦١ من سورة النساء {وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً} بضم اللام، وهي من القراءات الشاذة.

وهذا الوجه الثاني أقل في الاستعمال العربي من الوجه الأول، ولكن لا يلزم من كونه قليلا أن يكون المتكلم به لاحنا، وعلى ذلك يكون قول أبي فراس ليس لحنا، ولكنه جار على لغة ضعيفة قليلة الاستعمال.

(١) الآيتان ٣ و ٤ من سورة الإخلاص، ومثل «لم» في الدلالة على أن ما دخلت عليه فعل مضارع جميع الجوازم والنواصب، إلا أن المؤلف | قلد ابن مالك في قوله في الألفية:

... فعل مضارع يلي لم كيشم ...

(٢) يشترط في هذه الحروف الأربعة الألف والنون والياء والتاء - لكي تكون دالة على أن ما بدئ بها فعل مضارع - شرطان، الأول: أن تكون زائدة، فلو كانت أصلية لم تدل على أن مدخولها فعل مضارع؛ لأنها تكون في أول الفعل الماضي، نحو أكل وأخذ وأمر، ونحو نفع ونقم ونعس، ونحو يفع وينع ويئس، ونحو تبع وتجر وتخذ، والشرط الثاني: أن تكون الألف دالة على المتكلم نحو أكتب، والنون دالة على المتكلم ومعه غيره نحو نكتب أو على المتكلم المعظم نفسه لكونه عظيما في حقيقة الأمر أو لكونه يدعي العظمة نحو نكتب، والياء دالة على الغائب المذكر مفردا كان أو غيره ظاهرا أو غيره - نحو يكتب زيد وزيد يكتب، وكذلك المثنى والجمع، أو على جمع الغائبات نحو يكتب الهندات، والتاء دالة على المخاطب - مفردا أو مثنى أو جمعا - نحو تكتب يا زيد وتكتبان يا زيدان وتكتبون يا زيدون، أو على الغائبة نحو تكتب هند أو الغائبتين نحو الهندان تكتبان.