شرح قطر الندى وبل الصدى (ابن هشام)،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[«مهما» اسم شرط عند الجمهور، وزعم السهيلي وابن يسعون أنها حرف]

صفحة 58 - الجزء 1

  وتقرير الدليل أنّهما أعربا «خليقة» اسما لتكن، و «من» زائدة؛ فتعين خلوّ الفعل من


= معنى بيت الشاهد يقول: إن كل خصلة من خصال الإنسان مهما اصطنع من المحاولات لإخفائها عن الناس فلا بد من أن تظهر لهم في بعض أعماله، وقديما قالوا: ما فيك يظهر على فيك، ومن كتم الناس سره فضح اللّه ستره.

الإعراب: في إعراب هذا البيت خلاف بين العلماء يترتب على بيان معرفة السبب في استشهاد المؤلف به ههنا، ونحن نعربه لك على ما ذهب إليه السهيلي وابن يسعون، ثم نعربه لك على ما ذهب إليه جمهور البصريين، وحينئذ يتضح الأمر غاية الاتضاح، فنقول:

قال السهيلي: «مهما» حرف شرط جازم يجزم فعلين، الأول فعل الشرط، والثاني جوابه وجزاؤه، مبني على السكون لا محل له من الإعراب «تكن» فعل مضارع ناقص يرفع الاسم وينصب الخبر، وهو فعل الشرط مجزوم بمهما، وعلامة جزمه السكون «عند» ظرف مكان متعلق بمحذوف خبر تكن مقدم على اسمه، وعند مضاف و «امرئ» مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة «من» حرف جر زائد «خليقة» اسم تكن، مرفوع بضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد «وإن» الواو عاطفة على محذوف، إن: حرف شرط جازم يجزم فعلين الأول فعل الشرط، والثاني جوابه وجزاؤه «خالها» خال: فعل ماض مبني على الفتح في محل جزم، وهو فعل الشرط، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى امرئ، وها: مفعول أول لخال مبني على السكون في محل نصب «تخفى» فعل مضارع مرفوع لتجرده من الناصب والجازم، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف منع من ظهورها التعذر، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي يعود إلى خليقة، وجملة الفعل والفاعل في محل نصب مفعول ثان لخال «على الناس» جار ومجرور متعلق بتخفى، وجواب الشرط الذي هو إن محذوف يدل عليه جواب الشرط الذي هو مهما، وستعرفه، والتقدير: إن خالها تخفى على الناس فليست تخفى عليهم، والمعطوف عليه المحذوف الذي تعطف الواو عليه جملة الشرط تقديره مع المعطوف: إن خالها لا تخفى على الناس وإن خالها تخفى عليهم، وقوله: «تعلم» فعل مضارع مبني للمجهول جواب الشرط الذي هو مهما، مجزوم وعلامة جزمه السكون، وحرك بالكسر لأجل الروي.

وتقدير البيت على هذا الإعراب: إن تكن خليقة عند امرئ تعلم، إن خالها لا تخفى على الناس وإن خالها تخفى عليهم فليست تخفى.

وقال الجمهور: «مهما» اسم شرط جازم يجزم فعلين الأول فعل الشرط والثاني جوابه وجزاؤه، وهو مع ذلك مبتدأ مبني على السكون في محل رفع «تكن» فعل مضارع ناقص يرفع الاسم وينصب الخبر، وهو فعل الشرط مجزوم وعلامة جزمه السكون، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي يعود إلى «مهما» وإنما جعل هذا الضمير مؤنثا تبعا لمعنى مهما؛ لأن لفظها مذكر، والمراد منها ههنا الخليقة فهي مفسرة بمؤنث؛ فجاز تأنيث الضمير الراجع إليها بهذا الاعتبار، وقوله: «عند» ظرف مكان متعلق بمحذوف خبر تكن، وعند مضاف و «امرئ» مضاف إليه «من خليقة» بيان لمهما؛ فهو جار ومجرور متعلق بمحذوف حال منها نفسها على رأي سيبويه أو من ضميرها المستكن في تكن =