شرح قطر الندى وبل الصدى (ابن هشام)،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[حكم الاسم الذي لا ينصرف]

صفحة 74 - الجزء 1

  «أكالب» أن يجمع بعد، وكذا أعرب وأعارب؛ فلا يجوز في أعارب أن يجمع كما يجمع أكلب على أكالب وآصال على أصائل، فكأنّ الجمع قد تكرر فيهما، فنزل لذلك منزلة جمعين.

  وكذلك «صحراء» و «حبلى» فإن فيهما التأنيث وهو فرع عن التذكير، وهو تأنيث لازم، منزّل لزومه منزلة تأنيث ثان، ولهذا الباب مكان يأتي شرحه فيه إن شاء اللّه تعالى.

[حكم الاسم الذي لا ينصرف]

  وحكمه أن يجرّ بالفتحة نيابة عن الكسرة، حملوا جرّه على نصبه كما عكسوا ذلك في الباب السابق. تقول: «مررت بفاطمة ومساجد ومصابيح وصحراء» فتفتحها كما تفتحها إذا قلت: «رأيت فاطمة ومساجد ومصابيح وصحراء» قال اللّه تعالى: {وَأَوْحَيْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ}⁣(⁣١)، وقال تعالى: {يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِنْ مَحارِيبَ وَتَماثِيلَ}⁣(⁣٢).

  ويستثنى من ذلك صورتان: إحداهما: أن تدخل عليه «أل»⁣(⁣٣)، والثانية أن يضاف، فإنه يجر فيهما بالكسرة على الأصل، فالأولى نحو: {وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ}⁣(⁣٤)، والثانية نحو: {فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}⁣(⁣٥)، وتمثيلي في الأصل بقولي بأفضلكم أولى من تمثيل بعضهم بقوله: «مررت بعثماننا» فإن الأعلام لا تضاف حتى تنكّر، فإذا صار نحو عثمان نكرة زال منه أحد السببين المانعين له من الصرف، وهو العلمية، فدخل في باب ما ينصرف، وليس الكلام فيه، بخلاف «أفضل»؛ فإن مانعه من الصرف الصفة ووزن الفعل،


(١) من الآية ١٦٣ من سورة النساء.

(٢) من الآية ١٣ من سورة سبأ.

(٣) ومثل أل في هذا الحكم «أم» الحميرية المعرفة، فإن الاسم الممنوع من الصرف لو اقترن بها جر بالكسرة، وعلى ذلك جاء قول الشاعر:

أأن شمت من نجد بريقا تألّقا ... تبيت بليل امأرمد اعتاد أولقا

الشاهد فيه قوله: «امأرمد» أي الأرمد، وأرمد،: وصف على وزن الفعل، ومعناه الذي أصابه الرمد، وهو وجع العين، فأصله ممنوع من الصرف للوصفية ووزن الفعل كأحمر وأبيض، فلما لحقته أم المعرفة الحميرية انصرف فجر بالكسرة الظاهرة.

(٤) من الآية ١٨٧ من سورة البقرة.

(٥) من الآية ٤ من سورة التين.