شرح قطر الندى وبل الصدى (ابن هشام)،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[الناصب الثاني «كي» المصدرية]

صفحة 81 - الجزء 1

  تعالى: {قالَ رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ}⁣(⁣١)، مدّعيا أنّ معناه فاجعلني لا أكون، لإمكان حملها على النفي المحض، ويكون ذلك معاهدة منه للّه سبحانه وتعالى ألّا يظاهر مجرما جزاء لتلك النعمة التي أنعم بها عليه، ولا هي مركبة من «لا أن» فحذفت الهمزة تخفيفا، والألف لالتقاء الساكنين، خلافا للخليل، ولا أصلها «لا» فأبدلت [الألف] نونا، خلافا للفرّاء.

  * * *

[الناصب الثاني «كي» المصدرية]

  ص - وبكي المصدريّة، نحو {لِكَيْلا تَأْسَوْا}.

  ش - الناصب الثاني «كي» وإنما تكون ناصبة إذا كانت مصدرية بمنزلة أن، وإنما تكون كذلك إذا دخلت عليها اللام: لفظا كقوله تعالى: {لِكَيْلا تَأْسَوْا}⁣(⁣٢) {لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ}⁣(⁣٣) أو تقديرا نحو: «جئتك كيف تكرمني» إذا قدّرت أن الأصل لكي، وأنك حذفت اللام استغناء عنها بنيّتها؛ فإن لم تقدر اللام كانت كي حرف جر، بمنزلة اللام في الدلالة على التعليل، وكانت «أن» مضمرة بعدها إضمارا لازما⁣(⁣٤).

  * * *

[الناصب الثالث «إذن»]

  ص - وبإذن مصدّرة وهو مستقبل متّصل أو منفصل بقسم، نحو: «إذن أكرمك»


=

لن تزالوا كذلكم ثمّ لا زل ... ت لكم خالدا خلود الجبال

وجه الاستدلال أن الفعل المعطوف بثم للدعاء، فوجب أن يكون المعطوف عليه - وهو قوله «لن تزالوا» - للدعاء أيضا، وهذا ظاهر على قول من قال: إن توافق المعطوف عليه والمعطوف في الإنشاء والخبر واجب، فأما من أجاز تخالفهما في ذلك فالأحسن عنده التوافق، فيكون حمل «لن» على الدعاء في هذا البيت عند هذا الفريق من العلماء أحسن من حملها على الخبر، ولكنه ليس بلازم، فلا يكون البيت دليلا لاحتماله وجها آخر.

(١) من الآية ١٧ من سورة القصص.

(٢) من الآية ٢٣ من سورة الحديد.

(٣) من الآية ٣٧ من سورة الأحزاب.

(٤) ربما جاءت «كي» مختصرة من كيف، فالمضارع الذي يقع بعدها حينئذ مرفوع؛ إذ لم يتصل به ناصب ولا جازم، وذلك نحو قول الشاعر:

كي تجنحون إلى سلم وما ثئرت ... قتلاكم، ولظى الهيجاء تضطرم

أي: كيف تجنحون.