شرح قطر الندى وبل الصدى (ابن هشام)،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[لأن بعد اللام ثلاث حالات: وجوب الإظهار، ووجوب الإضمار، وجواز الأمرين]

صفحة 89 - الجزء 1

  تقديره: ولبس عباءة وأن تقرّ عيني.

  الثانية: أن تقع بعد لام الجر، سواء كانت للتعليل⁣(⁣١) كقوله تعالى: {وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ}⁣(⁣٢) وقوله تعالى: {إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ}⁣(⁣٣) أو للعاقبة كقوله تعالى: {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً}⁣(⁣٤) واللام هنا ليست للتعليل، لأنهم لم يلتقطوه لذلك، وإنما التقطوه ليكون لهم قرة عين، فكانت عاقبته أن صار لهم عدوّا وحزنا، أو زائدة، كقوله تعالى: {إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ}⁣(⁣٥) فالفعل في هذه المواضع منصوب بأن مضمرة، ولو أظهرت في الكلام لجاز، وكذا بعد كي الجارّة.

[لأن بعد اللام ثلاث حالات: وجوب الإظهار، ووجوب الإضمار، وجواز الأمرين]

  ولو كان الفعل الذي دخلت عليه اللام مقرونا بلا وجب إظهار «أن» بعد اللام:

  سواء كانت «لا» النافية كالتي في قوله تعالى: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ}⁣(⁣٦)، أو


= هذا، وقد علمت أن المراد بالعاطف في هذا الموضع واحد من أربعة أحرف، هي الواو وأو - وقد استشهد المؤلف لكل منهما - وثم، والفاء، ولم يستشهد لواحد منهما، وشاهد الفاء قول الشاعر:

لولا توقّع معترّ فأرضيه ... ما كنت أوثر إترابا على ترب

المعتر: الذي يتعرض للسؤال، والإتراب: الغنى، والترب: الفقر، وشاهد «ثم» قول أنس بن مدركة الخثعمي:

إنّي وقتلي سليكا ثم أعقله ... كالثّور يضرب لمّا عافت البقر

(١) ذكر المؤلف في هذا الموضع أربعة أنواع للام؛ النوع الأول: لام الجحود، وهذه يجب إضمار أن المصدرية بعدها، وضابطها: أنها المسبوقة بما كان، نحو {وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ} أو لم يكن نحو {لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ ...} والثانية: لام التعليل، وهذه يجب إظهار أن المصدرية بعدها إذا اقترن الفعل بلا، نحو {لِئَلَّا يَعْلَمَ} ويجوز إظهار أن بعدها وإضمارها إن لم يقترن الفعل بلا، والثالثة: لام العاقبة، والرابعة اللام الزائدة وهاتان يجوز إضمار أن المصدرية بعدهما، والفرق بين لام العاقبة ولام التعليل أن لام التعليل يكون ما قبلها علة لحصول ما بعدها باعثة عليه - ويكون حصول ما قبلها سابقا على حصول ما بعدها في الوجود، وأما لام العاقبة - وتسمى لام الصيرورة أيضا - فإن ما قبلها ليس علة لحصول ما بعدها، ولكنه يحدث بعده اتفاقا، وأما اللام الزائدة فهي الواقعة بعد فعل متعد، وفائدتها توكيد تعديته إلى مدخول اللام.

(٢) من الآية ٤٤ من سورة النحل.

(٣) الآيتان ١، ٢ من سورة الفتح.

(٤) من الآية ٨ من سورة القصص.

(٥) من الآية ٣٣ من سورة الأحزاب.

(٦) من الآية ١٦٥ من سورة النساء.