شرح قطر الندى وبل الصدى (ابن هشام)،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[المسألة الثانية: بعد «أو» التي بمعنى إلى أو إلا]

صفحة 93 - الجزء 1

  والثاني كقولك: «لأقتلنّ الكافر أو يسلم» أي: إلّا أن يسلم، وقول الشاعر:

  ١٧ - وكنت إذا غمزت قناة قوم ... كسرت كعوبها أو تستقيما

  أي: إلا أن تستقيم فلا أكسر كعوبها، ولا يصحّ أن تكون هنا بمعنى إلى؛ لأن الاستقامة لا تكون غاية للكسر.


= للتخلص من التقاء الساكنين «الآمال» فاعل انقاد، مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة «إلا» أداة استثناء ملغاة لا عمل لها، حرف مبني على السكون لا محل له من الإعراب «لصابر» اللام حرف جر، وصابر: مجرور باللام وعلامة جره الكسرة الظاهرة، والجار والمجرور متعلق بانقاد.

الشاهد فيه: قوله «أدرك» حيث نصب الفعل المضارع الذي هو أدرك، بأن المضمرة وجوبا بعد أو.

وقد ذكر جماعة من النحاة: أن «أو» في هذا البيت بمعنى إلى، كما ذكره المؤلف في هذا الكتاب، وذكر قوم أنها بمعنى حتى، وممن ذكر ذلك المؤلف في أوضحه وابن عقيل والأشموني، ولا خلاف بين هذين الكلامين؛ لأن «إلى» و «حتى» بمعنى واحد، وهو الغاية، وذكر السيوطي أن «أو» ههنا بمعنى إلا، وهو مخالف لذلك كله، فوق أنه بعيد.

واعلم أن ضابط «أو» التي بمعنى إلى: أن يكون ما بعدها ينقضي شيئا فشيئا، ألا ترى أن إدراك المنى يحصل شيئا بعد شيء، وأما «أو» التي بمعنى إلا فإن ما بعدها يحصل دفعة واحدة، كالإسلام في نحو قولك: «لأقتلن الكافر أو يسلم».

١٧ - هذا البيت لزياد الأعجم، وهو من شواهد سيبويه (ج ١ ص ٢٤٨) وقد استشهد به المؤلف في أوضحه (رقم ٤٩٩) وفي الشذور (رقم ١٤٧) والأشموني في نواصب المضارع، وابن عقيل (رقم ٣٢٣).

اللغة: «غمزت» الغمز: جس باليد يشبه النخس «قناة» أراد الرمح «قوم» رجال، ومنه قوله تعالى من الآية ١١ من سورة الحجرات: {لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ} وقول زهير بن أبي سلمى المزني:

وما أدري وسوف إخال أدري ... أقوم آل حصن أم نساء

«كعوبها» الكعوب: جمع كعب، وهو طرف الأنبوبة الناشز، «تستقيما» تعتدل.

المعنى: أراد أنه إذا هجا قوما فقال فيهم شعرا لم يترك لهم أديما صحيحا حتى يرجعوا عن معاداته، وضرب لذلك مثلا حالة من يثقف الرماح فيجسها بيده وما يزال بها حتى تعتدل أو يكسرها.

الإعراب: «كنت» كان: فعل ماض ناقص، وتاء المتكلم اسمه مبني على الضم في محل رفع «إذا» ظرف يدل على الزمان المستقبل يضاف إلى شرطه، وينتصب بجوابه، مبني على السكون في محل نصب بكسرت «غمزت» فعل ماض وفاعله، والجملة في محل جر بإضافة إذا إليها. وهي فعل الشرط الذي تقتضيه إذا «قناة» مفعول به لغمزت، وقناة مضاف و «قوم» مضاف إليه «كسرت» فعل =