[الرابع: اللام الطلبية]
  ذلك شيئا مذكورا، ومن ثمّ امتنع أن تقول: لمّا يقم ثمّ قام؛ لما فيه من التناقض، وجاز لم يقم ثم قام، والثاني: أن لمّا تؤذن كثيرا بتوقّع ثبوت ما بعدها، نحو: {بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذابِ}(١) أي إلى الآن لم يذوقوه وسوف يذوقونه، ولم لا تقتضي ذلك، ذكر هذا المعنى الزمخشريّ، والاستعمال والذوق يشهدان به، والثالث: أن الفعل يحذف بعدها، يقال:
  هل دخلت البلد؟ فتقول: قاربتها ولمّا، تريد ولمّا أدخلها، ولا يجوز قاربتها ولم(٢)،
[الرابع: اللام الطلبية]
  والرابع: أنها لا تقترن بحرف الشرط، بخلاف لم، تقول: إن لم تقم قمت، ولا يجوز إن لمّا تقم قمت.
  الجازم الرابع(٣): اللام الطّلبية، وهي الدالة على الأمر، نحو: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ
(١) من الآية ٨ من سورة ص، وقد حذفت ياء المتكلم من (عذاب) اكتفاء بكسر ما قبلها.
(٢) قد ورد حذف المجزوم بلم في أبيات قليلة لا تثبت بها قاعدة، وقد اعتبرها العلماء من ضرورات الشعر؛ لأن البيت والبيتين إذا جاءا على خلاف الشائع في الاستعمال العربي لم يعتد بهما، من ذلك قول إبراهيم بن هرمة القرشي، وهو آخر من يحتج بشعره من الشعراء:
احفظ وديعتك الّتي استودعتها ... يوم الأعازب إن وصلت وإن لم
أراد: إن وصلت وإن لم تصل، يريد احفظها على كل حال، ومن ذلك قول الاخر:
يا ربّ شيخ من لكيز ذي غنم ... في كفّه زيغ، وفي الفم فقم
... أجلح لم يشمط، وقد كاد، ولم ...
أراد وقد كاد يشمط ولم يشمط: أي قاربه ولم يبلغه فحذف للعلم بالمحذوف.
(٣) قد تفهم من استشهاد المؤلف للام الدالة على الأمر أو الدعاء، وللا الدالة عليهما أيضا أن دخول اللام على فعل المخاطب أو المتكلم، ودخول «لا» على فعل الغائب أو المتكلم غير جائز عربية، لأنه مثل للام بمثالين من فعل الغائب، ومثل للا بمثالين من فعل المخاطب، ونحن نبين لك الأمر بإيضاح فنقول: أما اللام فيكثر دخولها على فعل الغائب كالآيتين الكريمتين اللتين تلاهما الشارح، وقد تدخل على فعل المتكلم نحو قوله تعالى: {وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ} وقوله عليه الصلاة والسّلام «قوموا فلأصلّ لكم» ولكنه لا يكثر كثرة دخولها على فعل الغائب، ويندر دخولها على فعل المخاطب لأن لأمر المخاطب صيغة تخصه، وهي فعل الأمر.
وأما «لا» فدخولها على فعل الغائب والمخاطب كثير، ولا تختص بالغائب، ولا تكثر في المخاطب، ومثال دخولها على فعل المخاطب الآيتان اللتان تلاهما المؤلف، وقول عدي بن زيد العبادي:
فلا تلفينّ كأم الغلا ... م إلا تجد عارما تعترم
وقول النابغة الذبياني:
فلا تتركني بالوعيد كأنني ... إلى الناس مطليّ به القار أجرب
ومثال دخولها على فعل الغائب قوله تعالى: {فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ}، وقول أبي مختار الكلابي:
ولا يفلتنّ النّافعان كلاهما ... وذاك الّذي بالسّوق مولى بني بدر
=