شرح قطر الندى وبل الصدى (ابن هشام)،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[ما يجزم فعلين إحدى عشرة أداة]

صفحة 108 - الجزء 1

  ٢٥ - أغرّك منّي أنّ حبّك قاتلي ... وأنّك مهما تأمري القلب يفعل


٢٥ - هذا البيت من كلام امرئ القيس بن حجر الكندي صاحب البيت السابق وهو من معلقته أيضا، وقبله قوله:

أفاطم مهلا بعض هذا التّدلّل، ... وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

وإن كنت قد ساءتك منّي خليقة ... فسلّي ثيابي من ثيابك تنسل

اللغة: «فاطم» مرخم فاطمة، وهي فاطمة بنت عبيد بن ثعلبة بن عامر، وكان الشاعر يحبها «مهلا» أي تمهلي وانتظري «أزمعت صرمي» عزمت عليه، والصرم: الهجر والقطيعة «أجملي» أحسني كلامك، أو اتركي القطيعة «خليقة» خصلة «سلي ثيابي من ثيابك» أراد بذلك أن تترك مودته، وتخلع عن نفسها رداء حبه «أغرك» هل خدعك أو حملك على أن تفعلي ما يفعله الغر الذي لم يجرب الأمور؟

المعنى: يقول لفاطمة: هل حملك اعتقادك شدة تأثير حبك عليّ وطاعتي لك على هذا الدلال وذلك التيه، وأن تفعلي معي فعل الذي لم يعرف حقيقة الحب؟

الإعراب: «أغرك» الهمزة للاستفهام، غر: فعل ماض مبني على الفتح لا محل له من الإعراب، والكاف ضمير المخاطبة مفعول به، مبني على الكسر في محل نصب «مني» جار ومجرور متعلق بغر «أن» حرف توكيد ونصب «حبك» حب: اسم أن، وحب مضاف والكاف ضمير المخاطبة مضاف إليه «قاتلي» قاتل: خبر أن، وقاتل مضاف وياء المتكلم مضاف إليه، وأن مع اسمها وخبرها في تأويل مصدر مرفوع فاعل غر، والتقدير: أغرك مني قتل حبك إياي «وأنك» الواو حرف عطف، أن: حرف توكيد ونصب، والكاف ضمير المخاطبة اسم أن «مهما» اسم شرط جازم على الأصح، يجزم فعلين الأول فعل الشرط والثاني جوابه وجزاؤه «تأمري» فعل مضارع فعل الشرط مجزوم بمهما، وعلامة جزمه حذف النون، وياء المؤنثة المخاطبة فاعله، مبني على السكون في محل رفع «القلب» مفعول به لتأمري، منصوب بالفتحة الظاهرة «يفعل» فعل مضارع جواب الشرط وجزاؤه مجزوم بمهما أيضا، وعلامة جزمه السكون، وحرك بالكسر لأجل الرويّ، وجملة الشرط والجواب في محل رفع خبر أن، وأن وما دخلت عليه في تأويل مصدر مرفوع معطوف على الفاعل الذي هو مصدر مؤول من أن السابقة مع اسمها وخبرها أيضا، وتقدير إعراب البيت هكذا: أغرك مني كون حبك قاتلا إياي وكونك مهما تأمري القلب يفعل.

الشاهد فيه: قوله «مهما تأمري القلب يفعل» حيث جزم بمهما فعلين؛ أولهما قوله: «تأمري» وثانيهما قوله: «يفعل» على أن الأول منهما هو فعل الشرط، والثاني منهما جوابه وجزاؤه، وقد علمت أن علامة جزم أولهما حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة؛ إذ هو فعل مضارع اتصلت به ياء المؤنثة المخاطبة، كما علمت أن علامة جزم الثاني السكون، وأن آخره لم يتحرك بالكسرة إلا لموافقة بقية الأبيات، وهو الذي يقال له الرويّ.