شرح قطر الندى وبل الصدى (ابن هشام)،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[الأول: الضمير أو المضمر، وانقسامه إلى مستتر وبارز]

صفحة 116 - الجزء 1

  فأما النكرة فهي عبارة عما شاع في جنس موجود أو مقدّر؛ فالأول كرجل، فإنه موضوع لما كان حيوانا ناطقا ذكرا، فكلما وجد من هذا الجنس واحد فهذا الاسم صادق عليه، والثاني كشمس؛ فإنها موضوعة لما كان كوكبا نهاريا ينسخ ظهوره وجود الليل؛ فحقها أن تصدق على متعدد كما أن رجلا كذلك، وإنما تخلّف ذلك من جهة عدم وجود أفراد له في الخارج، ولو وجدت لكان هذا اللفظ صالحا لها؛ فإنه لم يوضع على أن يكون خاصا كزيد وعمرو، وإنما وضع وضع أسماء الأجناس.

  * * * وأما المعرفة فإنها تنقسم ستة أقسام⁣(⁣١)؛ القسم الأول: الضمير، وهو أعرف الستة، ولهذا بدأت به، وعطفت بقية المعارف عليه بثمّ.

  وهو عبارة عما دلّ على متكلم كأنا، أو مخاطب كأنت، أو غائب كهو.

[الأول: الضمير أو المضمر، وانقسامه إلى مستتر وبارز]

  وينقسم إلى مستتر وبارز؛ لأنه لا يخلو: إما أن يكون له صورة في اللفظ أو لا، فالأول: البارز كتاء «قمت» والثاني: المستتر كالمقدّر في نحو قولك «قم».

  ثم لكل من البارز والمستتر انقسام باعتبار.

[المستتر إما واجب الاستتار، وإما جائز الاستتار]

  فأما المستتر فينقسم - باعتبار وجوب الاستتار وجوازه - إلى قسمين: واجب الاستتار، وجائزه.

  ونعني بواجب الاستتار: ما لا يمكن قيام الظاهر مقامه، وذلك كالضمير المرفوع بالفعل المضارع المبدوء بالهمزة كأقوم، أو بالنون كنقوم، [أو التاء كتقوم]⁣(⁣٢)، ألا ترى


(١) ذكر المؤلف تقسيم المعرفة إلى ستة أقسام، ولم يذكر تعريفها، وكان حقا عليه أن يعرفها، وقد ذكر العلماء أن المعرفة هي «الاسم الذي وضع ليستعمل في معين» فالتعيين إنما يكون في حال الاستعمال، لا في حال الوضع، وبيان ذلك أن «أنا» أو «أنت» ضميران، والضمائر من المعارف، وحين وضع «أنا» وضع ليستعمل في حال التكلم، أيّا كان المتكلم، لكنك حين تقول «أنا مجتهد» قد استعملته في متكلم معين.

(٢) المراد بالتاء هنا التاء الدالة على المخاطب، نحو «تقوم يا زيد»، أما التاء الدالة على التأنيث فهي من جائز الاستتار، نحو «هند تقوم» لأنك تقول «هند تقوم جارتها» وهذه الكلمة ساقطة من بعض نسخ الكتاب، ومما ذكرناه وذكره المؤلف تعلم أن حروف المضارعة على ثلاثة أنواع: نوع لا يكون فاعل الفعل المتصلة هي به إلا ضميرا مستترا واجب الاستتار، وهو حرفان: الهمزة، والنون، ونوع يكون فاعل الفعل المتصلة هي به اسما ظاهرا أو ضميرا مستترا جائز الاستتار، وهو حرف واحد، وهو الياء، ونوع يكون فاعل الفعل المتصلة هي به واجب الاستتار تارة، ويكون جائز الاستتار تارة أخرى، وهو حرف واحد، وهو التاء.