شرح قطر الندى وبل الصدى (ابن هشام)،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[«ما» النافية تعمل عمل ليس في لغة أهل الحجاز بشروط]

صفحة 165 - الجزء 1

  خير، وإن كنت ظالما وإن كنت مظلوما.

  ومثاله بعد «لو» قوله عليه الصلاة والسّلام: «التمس ولو خاتما من حديد»، وقول الشاعر:

  ٤٩ - لا يأمن الدّهر ذو بغي ولو ملكا ... جنوده ضاق عنها السّهل والجبل

  أي: ولو كان ما تلتمس خاتما من حديد، ولو كان الباغي ملكا.

  * * *

[«ما» النافية تعمل عمل ليس في لغة أهل الحجاز بشروط]

  ص - و «ما» النّافية عند الحجازيّين كليس، إن تقدّم الاسم، ولم يسبق بأن، ولا بمعمول الخبر إلّا ظرفا أو جارا ومجرورا، ولا اقترن الخبر بإلّا، نحو {ما هذا بَشَراً}⁣(⁣١).

  ش - اعلم أنهم أجروا ثلاثة حروف من حروف النفي مجرى ليس في رفع الاسم، ونصب الخبر؛ وهي: ما، ولا، ولات، ولكلّ منها كلام يخصّها.

  والكلام الآن في «ما» وإعمالها عمل ليس، وهي لغة الحجازيين، وهي اللغة


٤٩ - لم أقف لهذا البيت على نسبة إلى قائل معين، وقد أنشده الأشموني (رقم ٢٠٥) والمؤلف في أوضحه (رقم ٩٥).

اللغة: «بغي» هو الظلم ومجاوزة الحد «جنوده ضاق عنها السهل والجبل» يريد أنه كثير الجند والأعوان.

الإعراب: «لا» ناهية «يأمن» فعل مضارع مجزوم بلا الناهية، وعلامة جزمه السكون، وحرك بالكسر للتخلص من التقاء الساكنين «الدهر» مفعول به ليأمن تقدم على الفاعل «ذو» فاعل يأمن، مرفوع بالواو نيابة عن الضمة لأنه من الأسماء الستة، وذو مضاف و «بغي» مضاف إليه «ولو» الواو عاطفة على محذوف ستعلمه، لو: شرطية غير جازمة «ملكا» خبر لكان المحذوفة مع اسمها، وكان المحذوفة هي فعل الشرط، وجواب الشرط محذوف أيضا، وتقدير الكلام: لا يأمن ذو البغي الدهر لو لم يكن ملكا فلا يأمنه ولو كان ملكا فلا يأمنه «جنوده» جنود: مبتدأ، وجنود مضاف والهاء ضمير الغائب العائد إلى ملك مضاف إليه «ضاق» فعل ماض «عنها» جار ومجرور متعلق بضاق «السهل» فاعل ضاق، والجملة من ضاق وفاعله في محل رفع خبر المبتدأ، وجملة المبتدأ والخبر في محل نصب صفة لملك «والجبل» الواو حرف عطف، الجبل: معطوف على السهل.

الشاهد فيه: قوله «ولو ملكا» حيث حذف كان مع اسمها، وأبقى خبرها وهو قوله «ملكا» بعد لو الشرطية، وقد بينا لك تقدير الكلام في إعراب البيت.

(١) من الآية ٣١ من سورة يوسف.