شرح قطر الندى وبل الصدى (ابن هشام)،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[«لا» النافية تعمل عمل ليس في الشعر بشروط]

صفحة 167 - الجزء 1

[«لا» النافية تعمل عمل ليس في الشعر بشروط]

  ص - وكذا «لا» النّافية في الشّعر بشرط تنكير معموليها، نحو:

  تعزّ فلا شيء على الأرض باقيا ... ولا وزر ممّا قضى اللّه واقيا

  ش - الحرف الثاني⁣(⁣١) مما يعمل عمل ليس «لا» كقوله:

  ٥١ - تعزّ فلا شيء على الأرض باقيا ... ولا وزر ممّا قضى اللّه واقيا


(١) أكثر العلماء لا يجعلون إعمال «لا» عمل ليس لغة لقوم من العرب، يقول أبو حيان: «لم يصرح أحد بأن إعمال لا عمل ليس بالنسبة إلى لغة مخصوصة؛ إلا المطرزي فإنه قال: بنو تميم لا يعملونها، وغيرهم يعملها، وفي كلام الزمخشري: أهل الحجاز يعملونها دون طيئ، وفي البسيط: القياس عند بني تميم عدم إهمالها، ويحتمل أن يكونوا قد وافقوا أهل الحجاز به» اه. ومن هذا الاضطراب تفهم أنه لم يستقر عند العلماء أن إعمالها لغة لقوم معينين.

٥١ - لم أقف لهذا الشاهد على نسبة إلى قائل معين، وقد أنشده الأشموني (رقم ٢٢٦) والمؤلف في أوضحه (رقم ١٠٨) وأنشده في الشذور مرتين (رقم ٩٢) وابن عقيل (رقم ٧٨) وشرحناه في المواضع المذكورة كلها.

اللغة: «تعزّ» تصبّر وتجلد «وزر» أصل الوزر الجبل، ثم استعمل في كل ملجأ يلجأ إليه الإنسان، وهو بفتح كل من الواو والزاي.

المعنى: تصبر على ما يحدث لك من الآلام؛ لأن كل شيء في الدنيا مصيره إلى الفناء وليس في هذه الحياة شيء يقيك مما قدره اللّه عليك من الحوادث.

الإعراب: «تعزّ» فعل أمر مبني على حذف الألف والفتحة قبلها دليل عليها، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «فلا» الفاء حرف دال على التعليل، لا: نافية تعمل عمل ليس «شيء» اسم لا مرفوع بالضمة الظاهرة «على الأرض» جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة لشيء، أو متعلق بقوله «باقيا» الآتي «باقيا» خبر لا، منصوب بالفتحة الظاهرة «ولا» الواو عاطفة، ولا: نافية تعمل ليس «وزر» اسم لا مرفوع بها وعلامة رفعه الضمة الظاهرة «مما» من: حرف جر، ما: اسم موصول مبني على السكون في محل جر بمن، والجار والمجرور متعلق بقوله «واقيا» الآتي «قضى» فعل ماض «اللّه» فاعل قضى، والجملة من قضى وفاعله لا محل لها صلة الموصول، والعائد ضمير محذوف منصوب بقضى، وأصل الكلام: ولا وزر واقيا مما قضاه اللّه «واقيا» خبر لا النافية، منصوب بالفتحة الظاهرة.

الشاهد فيه: قوله «لا شيء باقيا» وقوله، «ولا وزر واقيا» حيث أعمل لا النافية في الموضعين عمل ليس؛ فرفع بها الاسم وهو قوله: «شيء» وقوله: «وزر» ونصب بها الخبر وهو قوله: «باقيا» وقوله:

«واقيا» على ما اتضح لك من إعراب البيت.

وفي هذا البيت دليل على أنه لا يجب حذف خبر لا، لأن الخبر مذكور في الموضعين كما هو ظاهر، وقال قوم بوجوب حذف الخبر، وهذا البيت وبيت المتنبي يرد عليهم، إلا أن لهم أن يدّعوا أن الاسم المنصوب حال من ضمير مستكن في الخبر المحذوف.