[إذا خففت «كأن» عملت، وقد يذكر اسمها، ويجب إن كان خبرها فعلا أن يفصل بينها وبينه بلم أو قد]
  والثاني كقوله:
  ٦٢ - أزف التّرحّل غير أنّ ركابنا ... لمّا تزل برحالنا وكأن قد
  أي: وكأن قد زالت، فحذف الفعل.
  * * *
= مضارع ناقص مجزوم بلم، وعلامة جزمه السكون «بين» ظرف مكان منصوب على الظرفية، متعلق بمحذوف خبر يكن تقدم على اسمه، وبين مضاف، و «الحجون» مضاف إليه، مجرور بالكسرة الظاهرة «إلى الصفا» جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من الحجون «أنيس» اسم يكن تأخر عن خبرها، مرفوع بالضمة الظاهرة، والجملة من يكن واسمها وخبرها في محل رفع خبر كأن «ولم» الواو عاطفة، لم: حرف نفي وجزم وقلب «يسمر» فعل مضارع مجزوم بلم، وعلامة جزمه السكون «بمكة» الباء حرف جر، ومكة: مجرور بالباء، وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة لأنه اسم لا ينصرف، والمانع له من الصرف العلمية والتأنيث، والجار والمجرور متعلق بيسمر «سامر» فاعل يسمر مرفوع بالضمة الظاهرة، والجملة من يسمر وفاعله في محل رفع معطوفة على جملة يكن واسمها وخبرها.
الشاهد فيه: قوله «كأن لم يكن» حيث خفف كأن، وحذف اسمها، وأتى بخبرها جملة فعلية، وفصل بين كأن وخبرها بلم، وقد اتضح ذلك من الإعراب. ومثل هذا البيت قوله تعالى من الآية ٢٤ من سورة يونس: {كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ} وقوله سبحانه من الآية ١٢ من سورة يونس: {كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا إِلى ضُرٍّ مَسَّهُ} وقوله جلت كلمته من الآية ٩٢ من سورة الأعراف: {كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا} وقول الراجز:
فباد حتّى كأن لم يكن ... فاليوم أبكي، ومتى لم يبكني؟
ومثله أيضا - والفاصل قد في الإثبات - قول الشاعر:
لا يهولنّك اصطلاء لظى الحر ... ب فمحذورها كأن قد ألمّا
وهل الفصل بلما مثل الفصل بلم؟ قال أبو حيان: «لم يحفظ الفصل بلما، وينبغي أن يتوقف في جوازه» ا ه.
٦٢ - هذا البيت من كلمة للنابغة الذبياني يصف فيها المتجردة امرأة النعمان بن المنذر ملك العرب في الحيرة، وكان النابغة نديمه وجليسه، وقد أنشده الأشموني (رقم ٥) وابن عقيل (رقم ٢).
اللغة: «أزف» دنا وقرب «الترحل» الرحيل ومفارقة الديار «ركابنا» هي إبلهم التي يركبونها «تزل» تفارق «رحالنا» الرحال: جمع رحل، وهو ما يوضع على الإبل ليركب الراكب فوقه.
المعنى: يقول قد دنا وقت الرحيل ومفارقة الديار، ولكن الإبل التي سنرحل عليها لا تزال واقفة لم تفارق ديارنا، وهي كالتي قد فارقت، لأنها مهيأة معدة. =