شرح قطر الندى وبل الصدى (ابن هشام)،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[لا يتوسط خبر هذه الحروف إلا أن يكون ظرفا]

صفحة 184 - الجزء 1

[لا يتوسط خبر هذه الحروف إلا أن يكون ظرفا]

  ص - ولا يتوسّط خبر هنّ، إلّا ظرفا أو مجرورا، نحو: {إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً} {إِنَّ لَدَيْنا أَنْكالًا.}

  ش - لا يجوز في هذا الباب توسّط الخبر بين العامل واسمه، ولا تقديمه عليهما،⁣(⁣١) كما جاز في باب كان، لا يقال: إنّ قائم زيدا، كما يقال: كان قائما زيد، والفرق بينهما أن الأفعال أمكن في العمل من الحروف، فكانت أحمل لأن يتصرّف في معمولها، وما أحسن قول ابن عنين يشكو تأخّره:


= الإعراب: «أزف» فعل ماض «الترحل» فاعل أزف «غير» منصوب على الاستثناء «أن» حرف توكيد ونصب «ركابنا» ركاب: اسم أن، منصوب بها وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة، وركاب مضاف ونا:

مضاف إليه، مبني على السكون في محل جر «لما» نافية جازمة «تزل» فعل مضارع، مجزوم بلما، وعلامة جزمه السكون، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي يعود إلى ركاب، والجملة من تزل وفاعله في محل رفع خبر أن، وأن مع اسمها وخبرها في تأويل مصدر مجرور بإضافة غير إليه «برحالنا» الباء حرف جر، رحال: مجرور بالباء، والجار والمجرور متعلق بتزل، ورحال مضاف وضمير المتكلمين مضاف إليه، مبني على السكون في محل جر «وكأن» الواو حرف عطف، كأن:

حرف تشبيه ونصب، واسمه ضمير شأن محذوف، والتقدير: وكأنه، أي الحال والشأن «قد» حرف تحقيق، وقد حذف مدخوله، والأصل: وكأنه قد زالت، وزالت المحذوف فعل ماض تام معناه فارقت، والتاء للتأنيث، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي يعود إلى ركابنا، والجملة من الفعل والفاعل في محل رفع خبر كأن.

الشاهد فيه: قوله «وكأن قد» حيث خفف كأن، وحذف اسمها، وأتى بخبرها جملة فعلية، وفصل بين كأن وخبرها بقد، وحذف الفعل الذي تدخل قد عليه، على ما تبين لك من الإعراب.

ومثل هذا الشاهد ما ذكرناه آنفا من قول الشاعر، ولكنه قد ذكر الجملة الفعلية الواقعة خبرا:

لا يهولنّك اصطلاء لظى الحر ... ب، فمحذورها كأن قد ألمّا

ومنه قول أبي دلامة (مختار الأغاني ٤/ ٩٤)

فكأن قد مضى وخلّف فيكم ... ما أعرتم وأقفرت منه داره

(١) ويجوز أن يفصل بين اسم إن وخبرها بالأجنبي بغير خلاف. سواء أتقدم الخبر وهو ظرف أو جار ومجرور أم لم يتقدم، وسواء أكان الفاصل ظرفا أو جارا ومجرورا أم لم يكن، فمن ذلك قول عبيد اللّه بن قيس الرقيات:

إنّ في القصر - لو دخلنا - غزالا ... مصفقا موصدا عليه الحجاب

ومن ذلك قول الأعشى ميمون بن قيس، وهو من شواهد سيبويه وشواهد عبد القاهر الجرجاني، وشواهد مغني اللبيب (رقم ١٢٣) للمؤلف:

إنّ محلّا وإنّ مرتحلا ... وإنّ في السّفر - إذ مضوا - مهلا