شرح قطر الندى وبل الصدى (ابن هشام)،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[شروط إعماله]

صفحة 296 - الجزء 1

  التقدير: وملابستك زيدا، وعلى من قال في «بسم اللّه»: إن التقدير: ابتدائي بسم اللّه ثابت؛ فحذف المبتدأ والخبر، وأبقى معمول المبتدأ، وجعلوا من الضرورة قوله:

  ١٢٢ - هل تذكرون إلى الدّيرين هجرتكم ... ومسحكم صلبكم رحمان قربانا؟

  لأنه بتقدير «وقولكم يا رحمن قربانا».

  (٧) السابع: أن لا يكون مفصولا عن معموله؛ ولهذا ردّوا على من قال في {يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ}⁣(⁣١): إنه معمول لرجعه؛ لأنه قد فصل بينهما بالخبر.

  (٨) الثامن: أن لا يكون مؤخّرا عنه؛ فلا يجوز: أعجبني زيدا ضربك، وأجاز السّهيلي تقديم الجار والمجرور، واستدل بقوله تعالى: {لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلًا}⁣(⁣٢)، وقولهم:


١٢٢ - هذا البيت من قصيدة طويلة لجرير يهجو فيها الأخطل التغلبي النصراني، وأول هذه القصيدة قوله:

بان الخليط، ولو طووعت ما بانا ... وقطّعوا من حبال الوصل أقرانا

اللغة: «بان» فارق «الخليط» أراد العشراء المخالطين «الديرين» تثنية دير، وهو معبد من معابد النصارى «صلبكم» جمع صليب، وأصله بضمتين مثل نذير ونذر، ولكنه سكن اللام تخفيفا «قربانا» أي: تقربا.

الإعراب: «هل» حرف استفهام «تذكرون» فعل مضارع مرفوع بثبوت النون، وواو الجماعة فاعل «إلى الديرين» جار ومجرور متعلق بقوله هجرتكم الآتي «هجرتكم» هجرة: مفعول به لتذكرون، وهجرة مضاف والكاف ضمير المخاطب مضاف إليه، والميم حرف دال على الجمع «ومسحكم» الواو عاطفة، ومسح: معطوف على هجرة، ومسح مضاف والكاف ضمير المخاطب مضاف إليه من إضافة المصدر إلى فاعله، والميم حرف دال على الجمع «صلبكم» صلب: مفعول به لمسح، وصلب مضاف والكاف مضاف إليه على نحو ما سبق «رحمان» منادى بحرف نداء محذوف، مبني على الضم في محل نصب، وجملة هذا النداء مقول لقول محذوف، والتقدير: وقولكم يا رحمن، على ما ذكره المؤلف «قربانا» مفعول لأجله، أي: تفعلون ذلك كله قربانا، أي تقربا.

الشاهد فيه: قوله «رحمان» فإنه - على ما بيناه في الإعراب، وعلى ما أشار إليه المؤلف - معمول لقول محذوف، وهذا القول المحذوف مصدر، فيكون فيه إعمال المصدر وهو محذوف، ولنا في هذا الذي قاله المؤلف مقال لا تتسع لذكره هذا اللمحة، فإن إعمال القول محذوفا من باب حدث عن البحر ولا حرج؛ فكأنه مستثنى من امتناع إعمال المصدر محذوفا.

(١) الآية ٩ من سورة الطارق، الذي علق «يوم» برجعه هو الزمخشري، ومن إنكارهم ذلك عليه تأخذ أن المعمول - ولو كان ظرفا أو جارا ومجرورا - لا يجوز أن يفصل بينه وبين عامله المصدر.

(٢) من الآية ١٠٨ من سورة الكهف.