شرح قطر الندى وبل الصدى (ابن هشام)،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[المصدر العامل على ثلاثة أنواع]

صفحة 297 - الجزء 1

  اللّهمّ اجعل لنا من أمرنا فرجا ومخرجا.

  * * *

[المصدر العامل على ثلاثة أنواع]

  وينقسم المصدر العامل إلى ثلاثة أقسام:

  (١) أحدها: المضاف، وإعماله أكثر من إعمال القسمين الآخرين، وهو ضربان؛ مضاف للفاعل، كقوله تعالى: {وَلَوْ لا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ}⁣(⁣١)، {وَأَخْذِهِمُ الرِّبَوا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ}⁣(⁣٢)، ومضاف للمفعول، كقوله:

  ١٢٣ - ألا إنّ ظلم نفسه المرء بيّن ... إذا لم يصنها عن هوى يغلب العقلا


(١) من الآية ٢٥١ من سورة البقرة، ومن الآية ٤٠ من سورة الحج.

(٢) من الآية ١٦١ من سورة النساء، ومثل الآيتين الشواهد ١١٨ و ١٢٠ و ١٢٢.

١٢٣ - لم أجد أحدا نسب هذا البيت إلى قائل معين.

اللغة: «ظلم» هو مجاوزة الحد، أو هو وضع الشيء في غير موضعه «يصنها» يحفظها «هوى» ما تميل إليه النفس بطبيعتها «يغلب العقل» أراد يمنعه من أن يكون له السلطان على الإنسان.

الإعراب: «ألا» أداة استفتاح وتنبيه «إن» حرف توكيد ونصب «ظلم» اسم إن، وظلم مضاف ونفس من «نفسه» مضاف إليه، ونفس مضاف والضمير العائد إلى المرء الآتي مضاف إليه «المرء» فاعل بظلم مرفوع بالضمة الظاهرة «بين» خبر إن مرفوع بالضمة الظاهرة «إذا» ظرف للمستقبل من الزمان خافض لشرطه منصوب بجوابه «لم» حرف نفي وجزم وقلب «يصنها» يصن: فعل مضارع مجزوم بلم، وعلامة جزمه السكون، وفاعله مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى المرء، وضمير الغائبة العائد إلى النفس مفعول به، والجملة من الفعل والفاعل والمفعول في محل جر بإضافة إذا إليها «عن هوى» جار ومجرور متعلق بيصن «يغلب» فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى هوى «العقلا» مفعول به ليغلب، والألف للإطلاق، والجملة من الفعل والفاعل والمفعول في محل جر صفة لهوى، وجواب إذا محذوف يدل عليه سابق الكلام.

الشاهد فيه: قوله «ظلم نفسه المرء» حيث أضاف المصدر وهو قوله «ظلم» إلى مفعوله؛ الذي هو قوله «نفسه» ثم أتى بفاعله بعد ذلك، وهو قوله «المرء»، وليس يجوز لك أن تجعل قوله «نفسه» فاعل المصدر، وقوله «المرء مفعوله؛ لأمرين:

الأول: أن الرواية وردت برفع «المرء» فلزم أن يكون فاعلا.

الثاني: أنه يلزم على جعل «نفسه» فاعلا عود الضمير على متأخر لفظا ورتبة، وذلك لا يجوز، على ما علمت مرارا منها ما ذكرناه وذكره المؤلف في باب الاشتغال، فافهم ذلك.

ومثل هذا البيت في إضافة المصدر إلى مفعوله ثم الإتيان بفاعله قول عبد يغوث بن وقاص الحارثي، =