شرح قطر الندى وبل الصدى (ابن هشام)،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[المصدر العامل على ثلاثة أنواع]

صفحة 298 - الجزء 1

  وقوله عليه الصلاة والسّلام: «وحجّ البيت من استطاع إليه سبيلا» وبيت الكتاب - أي كتاب سيبويه - وهو قول الشاعر:

  ١٢٤ - تنفي يداها الحصى في كلّ هاجرة ... نفي الدّراهيم تنقاد الصّياريف

  (٢) الثاني: المنوّن، وإعماله أقيس من إعمال المضاف؛ لأنه يشبه الفعل بالتنكير، كقوله


= وهو مما رواه المفضل (من المفضلية رقم ٣٠ من المفضليات)

وكنت إذا ما الخيل شمّصها القنا ... لبيقا بتصريف القناة بنانيا

فقد أضاف المصدر وهو قوله «تصريف» إلى مفعوله وهو قوله «القناة» ومعناها الرمح، ثم أتى بالفاعل وهو قوله «بنانيا» وأراد به يده.

١٢٤ - هذا البيت من كلام الفرزدق، يصف ناقته، وهو من شواهد سيبويه (ج ١ ص ١٠) كما قال المؤلف، وقد أنشده ابن عقيل «رقم ٢٥٣» والمؤلف في أوضح المسالك (رقم ٥٦٧) والأشموني (رقم ٦٩٠).

اللغة: «تنفي» أراد تدفع «هاجرة» هي نصف النهار عند اشتداد الحر «الدراهيم» جمع درهم وأصله الدراهم، ولكنه أشبع الكسرة فتولدت عنها ياء (انظر شرح الشاهد ١١٨) وقيل: مفرده درهام، كقرطاس وقراطيس، ويروى «نفي الدنانير» جمع دينار، ويروى «نفي الدراهم» من غير الياء المشبعة عن الكسرة «تنقاد» هو مصدر نقد كالتذكار مصدر ذكر «الصياريف» جمع صيرفي.

المعنى: يقول: إن هذه الناقة تدفع يداها الحصى عن الأرض في وقت الظهيرة واشتداد الحر، كما يدفع الصيرفي الناقد الدراهم، وكنى بذلك كله عن صلابتها وسرعة سيرها.

الإعراب: «تنفي» فعل مضارع «يداها» يدا: فاعل مرفوع بالألف لأنه مثنى ويدا مضاف وها: مضاف إليه، و «الحصى» مفعول به لتنفي «في كل» جار ومجرور متعلق بتنفي، وكل مضاف، و «هاجرة» مضاف إليه «نفي» مفعول مطلق، عامله تنفي منصوب بالفتحة الظاهرة، ونفي مضاف و «الدراهيم» مضاف إليه من إضافة المصدر لمفعوله «تنقاد» فاعل نفي، مرفوع بالضمة الظاهرة، وتنقاد مضاف و «الصياريف» مضاف إليه من إضافة المصدر لفاعله، مجرور بالكسرة الظاهرة.

الشاهد فيه: قوله: «نفي الدراهيم تنقاد» حيث أضاف المصدر، وهو قوله نفي، إلى مفعوله، وهو قوله الدراهيم، ثم أتى بعد ذلك بفاعله مرفوعا، وهو قوله تنقاد، ومثله في ذلك الشاهد الآتي: (رقم ١٢٥) وكذلك قول الأقيشر الأسدي:

أفنى تلادي وما جمّعت من نشب ... قرع القواقيز أفواه الأباريق

الرواية برفع أفواه؛ فقرع مصدر، وهو مضاف إلى «القواقيز» من إضافة المصدر إلى مفعوله وقوله «أفواه» فاعل لذلك المصدر.