شرح قطر الندى وبل الصدى (ابن هشام)،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[أمثلة المبالغة، وإعمالها]

صفحة 306 - الجزء 1

  وقالوا: «إنّه لمنحار بوائكها»⁣(⁣١)، و «اللّه سميع دعاء من دعاه»، وقال الشاعر:

  ١٣١ - أتاني أنّهم مزقون عرضي ... [جحاش الكرملين لها فديد]

  وأكثر الخمسة استعمالا الثلاثة الأول، وأقلّها استعمالا الأخيران، وكلها تقتضي


= توكيد ونصب، والكاف ضمير المخاطب اسم إن «عاقر» خبر إن مرفوع بالضمة الظاهرة، والجملة من إن واسمها وخبرها لا محل لها من الإعراب جواب إذا، لأنها شرطية غير عاملة جزما.

الشاهد فيه: قوله «ضروب سوق سمانها» لأنه أعمل صيغة المبالغة - وهي قوله ضروب - إعمال اسم الفاعل، فنصب بها المفعول به، وهو قوله «سوق سمانها»؛ لأن هذه الصيغة معتمدة على مخبر عنه وإن كان محذوفا كما قررناه في الإعراب.

(١) البوائك: جمع بائكة، وهي الناقة السمينة الفتية الحسنة، والضمير المضاف إليه يرجع إلى النوق، وغرضهم بهذه الجملة أن الموصوف بها كريم، وأنه ينحر لضيفانه السمين الفتيّ الحسن من النوق، وهي التي اعتادت النفوس أن تبخل بها.

١٣١ - هذا البيت لزيد الخير، وكان اسمه زيد الخيل، فسماه النبي ÷ زيد الخير، وقد أنشده ابن عقيل (رقم ٢٦١) والمؤلف في أوضحه (رقم ٣٧٥).

اللغة: «جحاش» جمع جحش، وهو ولد الحمار «الكرملين» تثنية كرمل - بكسر الكاف والميم بينهما راء مهملة ساكنة، بزنة زبرج - وهو ماء بجبل طيئ «فديد» صوت.

المعنى: يقول: بلغني أن هؤلاء الناس أكثروا من تمزيق عرضي والنيل منه بالطعن والقدح، وأنا لا أباليهم ولا أعبأ بهم؛ لأنهم عندي بمنزلة الجحاش التي ترد هذا الماء وهي تصيح وتصوت.

الإعراب: «أتاني» أتى: فعل ماض، والنون للوقاية، والياء مفعول به «أنهم» أن: حرف توكيد ونصب، وضمير الغائبين اسمه «مزقون» خبر «أن»، مرفوع بالواو نيابة عن الضمة، لأنه جمع مذكر سالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد «عرضي» عرض: مفعول به لمزقون، منصوب بفتحة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة، وعرض مضاف وياء المتكلم مضاف إليه، وأن وما دخلت عليه في تأويل مصدر مرفوع فاعل أتى، أي: أتاني تمزيقهم عرضي «جحاش» خبر مبتدأ محذوف، وتقديره: هم جحاش، وجحاش مضاف و «الكرملين» مضاف إليه مجرور بالياء المفتوح ما قبلها المكسور ما بعدها لأنه مثنى «لها» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «فديد» مبتدأ مؤخر، والجملة من المبتدأ والخبر في محل نصب حال من خبر المبتدأ الذي هو جحاش.

الشاهد فيه: قوله «مزقون عرضي» حيث أعمل جمع صيغة المبالغة وهو قوله مزقون؛ فإنه جمع مزق - بفتح فكسر - ومزق هذا مبالغة اسم الفاعل، وقد أعمل هذا الجمع إعمال مفرده، وبالتالي إعمال اسم الفاعل، فنصب به المفعول، وهو قوله عرضي، واسم المبالغة هذا معتمد على مخبر عنه مذكور في الكلام، وهو اسم أن، فتدبر ذلك وافهمه واللّه ينفعك به.