[أوجه الفرق بين التوكيد والنعت]
  ألفاظ التوكيد معارف؛ فلا تجرى على النكرات، وشذّ قول الشاعر:
  ١٣٨ - لكنّه شاقه أن قيل ذا رجب ... يا ليت عدّة حول كلّه رجب
  * * *
= به الذات كالمؤكد، وعلى هذا يكون التوكيد هو عين المؤكد، فإذا قطعت كنت كمن قطع الشيء عن نفسه، أما النعت فإن المراد به الوصف في حين أن المراد بالمنعوت الذات، فهما متغايران، فلو قطعت لم تكن قد قطعت الشيء عن نفسه.
١٣٨ - هذا بيت من البسيط، وقائله عبد اللّه بن مسلم بن جندب الهذلي، من كلمة أولها قوله:
يا للرّجال ليوم الأربعاء، أما ... ينفكّ يحدث لي بعد النّهى طربا؟
إذ لا يزال غزال فيه يفتنني ... يأتي إلى مسجد الأحزاب منتقبا
والرواية عند الأدباء في بيت الشاهد «يا ليت عدة حول كله رجبا» على نصب الجزءين (المبتدأ والخبر) جميعا بليت، وهي لغة ضعيفة لبعض العرب، ويقال: هم بنو تميم، ولكن النحاة غيروه حين لم يعثروا على بقية الكلمة.
اللغة: «شاقه» أعجبه، أو أثار شوقه، ويروى «ساقه» من السوق.
الإعراب: «لكنه» لكن: حرف استدراك ونصب، والهاء اسمه «شاقه» شاق: فعل ماض، والضمير الذي للغائب مفعول به «أن» حرف مصدري ونصب «قيل» فعل ماض مبني للمجهول «ذا رجب» مبتدأ وخبر، والجملة مقول القول، وأن وما دخلت عليه في تأويل مصدر مرفوع فاعل شاق، وجملة شاق وفاعله ومفعوله في محل رفع خبر لكن «يا» حرف تنبيه، أو حرف نداء والمنادى به محذوف «ليت» حرف تمن ونصب «عدة» اسم ليت، وعدة مضاف و «حول» مضاف إليه «كله» كل: توكيد لحول، وكل مضاف والهاء مضاف إليه «رجب» خبر ليت، وهو على رواية النحاة مرفوع بالضمة الظاهرة، وعلى رواية الأدباء منصوب بالفتحة الظاهرة.
ونظيره في نصب الجزءين بليت قول الراجز:
... يا ليت أيّام الصّبا رواجعا ...
الشاهد فيه هنا: قوله «حول كله» حيث أكد النكرة وهي قوله: «حول» بكل، وهذا شاذ فيما حكاه المؤلف ههنا، ولكن المؤلف قد اختار في أوضحه - تبعا لابن مالك - صحة توكيد النكرة إن أفاد توكيدها، وقال: «إن الفائدة تحصل بأن تكون النكرة محدودة والتوكيد من ألفاظ الإحاطة» وأنشد هذا البيت على أنه مما حصلت فيه الفائدة.
ومثله قول العرجي:
نلبث حولا كاملا كلّه ... لا نلتقي إلّا على منهج
والنكرة هنا - هي حول - محدودة: أي لها أول وآخر معروفان والتوكيد من ألفاظ الإحاطة وهو كله.