شرح قطر الندى وبل الصدى (ابن هشام)،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[معاني أم]

صفحة 342 - الجزء 1

  ومثالها للشك قولك: «جاء زيد أو عمرو» إذا لم تعلم الجائي منهما.

  ومثالها للتشكيك قولك: «جاء زيد أو عمرو» إذا كنت عالما بالجائي منهما ولكنك أبهمت على المخاطب.

  وأمثلة ذلك من التنزيل قوله تعالى: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ}⁣(⁣١) الآية، فإنه لا يجوز له الجمع بين الجميع على اعتقاد أن الجميع هو الكفارة، وقوله تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا} {مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ}⁣(⁣٢) الآية، وقوله تعالى: {لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ}⁣(⁣٣)، وقوله تعالى: {إِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ}⁣(⁣٤).

  * * *

[معاني أم]

  ص - و «أم» لطلب التّعيين بعد همزة داخلة على أحد المستويين.

  ش - تقول: «أزيد عندك أم عمرو» إذا كنت قاطعا بأن أحدهما عنده، ولكنك شككت في عينه، ولهذا يكون الجواب بالتعيين، لا ب «نعم» ولا ب «لا» وتسمى «أم» هذه


(١) من الآية ٨٩ من سورة المائدة.

(٢) من الآية ٦١ من سورة النور؛ والتلاوة في الكتاب الكريم: {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ، وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ، وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا}.

(٣) من الآية ١١٣ من سورة المؤمنين.

(٤) من الآية ٢٤ من سورة سبأ.

وبقي عليه من المعاني التي ترد لها «أو» ثلاثة معان، الأول أن «أو» تأتي للدلالة على التقسيم؛ ومنه قول النحاة: «الكلمة اسم أو فعل أو حرف» ومنه قول الشاعر:

وقالوا: لنا ثنتان لا بدّ منهما ... صدور رماح أشرعت أو سلاسل

ومنه قوله تعالى: {إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} وقوله سبحانه: {أَ فَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِها أَوْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها}.

والثاني: قال قوم: تكون «أو» للإضراب نحو قوله تعالى: {وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ}.

والثالث: قد تأتي «أو» بمعنى الواو، كقول جرير:

جاء الخلافة أو كانت له قدرا ... كما أتى ربّه موسى على قدر

واعلم أن التخيير والإباحة لا يقعان إلا بعد عبارة الطلب بالمعنى الذي بيناه، وأن الشك والإبهام يقعان بعد الكلام الخبري، واختلف فيما عدا هذه المعاني الأربع، فقيل: لا تقع إلا بعد الخبر وهو الصحيح، وقيل: تقع بعد الطلب أيضا.