شرح قطر الندى وبل الصدى (ابن هشام)،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[العلة الرابعة: التعريف]

صفحة 352 - الجزء 1

  عن فاعلة، نحو: حذام وقطام ورقاش⁣(⁣١)، وذلك في لغة تميم خاصّة، فأما الحجازيون فيبنونه على الكسر، قال الشاعر:

  ١٤٢ - أتاركة تدلّلها قطام؟ ... رضينا بالتّحيّة والسّلام

  وقال الآخر:

  ١ -

  إذا قالت حذام فصدّقوها ... فإنّ القول ما قالت حذام⁣(⁣٢)

  فإن كان آخره راء كسفار - اسم لماء، وحضار - لكوكب، ووبار - لقبيلة؛ فأكثرهم يوافق الحجازيين على بنائه على الكسر، ومنهم من لا يوافقهم، بل يلتزم الإعراب ومنع الصرف⁣(⁣٣).


(١) استشهد المؤلف للأول والثاني من هذه الأعلام، وشاهد الثالث قول جذيمة الأبرش فيما يقوله لأخته رقاش - وقد زوجها ثم أنكر عليها - في قصة طويلة:

خبّريني رقاش لا تكذبيني ... أبحرّ زنيت أم بهجين؟

أم بعبد فأنت أهل لعبد ... أم بدون فأنت أهل لدون؟

١٤٢ - هذا البيت مطلع كلمة طويلة للنابغة الذبياني، يمدح فيها عمرو بن هند، وكان قد غزا بلاد الشام بعد قتل أبيه المنذر.

اللغة: «تاركة» مؤنث تارك، وهو اسم فاعل فعله ترك، ومعناه خلى وفارق «تدللها» التدلل هو الدلال، وهو إظهار المرأة أنها تخالف وما بها مخالفة «قطام» اسم امرأة.

الإعراب: «أتاركة» الهمزة للاستفهام، تاركة: مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة «تدللها» تدلل: مفعول به لتاركة، منصوب بالفتحة الظاهرة، وتدلل مضاف وضمير الغائبة العائد إلى قطام مضاف إليه «قطام» فاعل بتاركة أغنى عن خبر المبتدأ؛ لأن المبتدأ وصف معتمد على الاستفهام، وقطام مبني على الكسر في محل رفع «رضينا» فعل ماض وفاعله «بالتحية» جار ومجرور متعلق برضي «والسّلام» معطوف بالواو على التحية، مجرور بالكسرة الظاهرة.

الشاهد فيه: قوله «قطام» فإنه على زنة فعال - بفتح الفاء - فهو معدول عن قاطمة، وهو مكسور في حالة الرفع، فذلك دليل على أنه مبني؛ إذ لو كان معربا لارتفع لأنه في موضوع الفاعل، والفاعل مرفوع البتة، فلما لم يكن مرفوعا في اللفظ حكمنا ببنائه ليكون رفعه محليا.

(٢) قد سبق الاستشهاد بهذا البيت في أول هذا الكتاب (ص ٣٥) وشرحناه هناك شرحا وافيا، فارجع إليه في الموضع الذي دللناك عليه، واعلم أن الاستشهاد به ههنا كالاستشهاد به هناك؛ فلا داعي لإعادة شيء من الكلام عليه.

(٣) ارجع في بيان ذلك إلى (ص ٣٦).