شرح قطر الندى وبل الصدى (ابن هشام)،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[لقبل وبعد ونحوهما أربع حالات]

صفحة 43 - الجزء 1

  وقولي «وأخواتهما» أردت به أسماء الجهات السّتّ⁣(⁣١)، وأوّل، ودون، ونحوهنّ⁣(⁣٢)، قال الشاعر:

  ٦ - لعمرك ما أدري وإنّي لأوجل ... على أيّنا تعدو المنيّة أوّل


(١) هي فوق وتحت ووراء وأمام ويمين وشمال، وما بمعنى أحدها كخلف وقدام.

(٢) مما بني على الضم وألحق بهذه الظروف لفظ «غير» الواقعة بعد «ليس» في نحو قولك: «قبضت عشرة قروش ليس غير» ومن العلماء من يلحق «لا» النافية بليس في نحو «قبضت عشرة لا غير» ومنهم من أنكر صحة ذلك واقتصر على ليس، فإن قلت: فكيف تعرب «ليس غير» في هذا المثال؟ قلت: ليس فعل ماض ناقص، وغير:

يجوز أن يكون اسم ليس مبنيا على الضم في محل رفع، والخبر محذوف، وتقدير الكلام على هذا: «ليس غير العشرة مقبوضا، كما يجوز أن يكون «غير» خبر ليس مبنيا على الضم في محل نصب، واسمها محذوف، وتقدير الكلام على هذا الوجه: ليس المقبوض غير العشرة.

٦ - البيت لمعن بن أوس، من كلمة مذكورة في أمالي القالي (ج ٢ ص ٢١٨) وفي ديوان الحماسة لأبي تمام (ج ٢ ص ٧) وزهر الآداب (٧٣٧ بتحقيقنا) وقد استشهد به الأشموني في باب الإضافة (رقم ٦٣٩)، والمؤلف في كتابه أوضح المسالك (٣٤٨) وفي كتابه شذور الذهب (رقم ٤٥).

اللغة: «عمرك» أي حياتك «ما أدري» ما أعلم «أوجل» أخاف «تعدو» تجترئ فتثب عليه وتسطو، ويروى تغدو - بالغين المعجمة - أي: تجيئه في وقت الغداة «المنية» الموت.

المعنى: يقول لصاحبه: أقسم لك بحياتك إني لا أعلم - مع أنني خائف - من الذي ينزل به الموت منا قبل أن ينزل بصاحبه، يريد أن هذه الحياة قصيرة، والمرء في كل لحظة عرضة للموت، فلا يحسن أن نقضي حياتنا في الهجران والقطيعة.

الإعراب: «لعمرك» اللام حرف ابتداء، مبني على الفتح لا محل له من الإعراب، وعمر: مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة، وعمر مضاف وضمير المخاطب الذي هو الكاف مضاف إليه مبني على الفتح في محل جر، وخبر المبتدأ محذوف وجوبا، والتقدير: لعمرك قسمي «ما» نافية، حرف مبني على السكون لا محل له من الإعراب «أدري» فعل مضارع مرفوع بضمة مقدرة على الياء منع من ظهورها الثقل، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا «وإني» الواو واو الحال، إن: حرف توكيد ونصب، وياء المتكلم اسمه، مبني على السكون في محل نصب «لأوجل» اللام لام الابتداء، وهي اللام المزحلقة، وأوجل: فعل مضارع فاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا، والجملة من الفعل والفاعل في محل رفع خبر إن، والجملة من إن واسمها وخبرها في محل نصب على الحال، ويجوز أن يكون أوجل أفعل تفضيل بمعنى الأشد وجلا أي خوفا، فهو خبر إن مرفوع بالضمة الظاهرة «على» حرف جر «أينا» اسم استفهام مجرور بعلى، وأي مضاف و «نا» ضمير مضاف إليه، مبني على السكون في محل جر، والجار والمجرور متعلق بقوله تعدو الآتي «تعدو» فعل مضارع مرفوع بضمة مقدرة على الواو منع من ظهورها الثقل «المنية» فاعل تعدو «أول» ظرف زمان، مبني على الضم في محل نصب، والعامل فيه قوله: تعدو. =