[لقبل وبعد ونحوهما أربع حالات]
  وقال آخر:
  ٧ - إذا أنا لم أومن عليك ولم يكن ... لقاؤك إلّا من وراء وراء
= الشاهد فيه: قوله «أول» فإن الرواية في هذه الكلمة بالضم، وذلك على تقدير حذف المضاف إليه ونية معناه لا لفظه؛ كما في قراءة السبعة في قوله تعالى: {لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} وفي قول أبي النجم يصف فرسا:
... أقبّ من تحت عريض من عل ...
وكما يروى في قول العرب: «ابدأ بذا من أول» بضم اللام؛ فإن كل هذه الشواهد يخرج على البناء بسبب حذف لفظ المضاف إليه ونية معناه.
فإن قلت: ما معنى نية معنى المضاف إليه بعد حذفه؟ وما معنى نية لفظه؟
فالجواب: أنك حين تحذف المضاف إليه وأنت تنويه إما أن تلاحظ لفظه المعين الدالّ عليه، ويكون هذا اللفظ هو مقصودا بذاته، وحينئذ تكون قد حذفت المضاف إليه ونويت لفظه، وإما أن تلاحظ معنى المضاف إليه، من غير نظر إلى لفظ معين يدل عليه، بل يكون المقصود لك هو هذا المعنى مدلولا عليه بلفظ أي لفظ، وحينئذ تكون قد حذفت المضاف إليه ونويت معناه.
فإن قلت: فلماذا كانت نية معنى المضاف إليه لا تقتضي إعراب المضاف، وكانت نية لفظه مقتضية لإعرابه؟
فالجواب عن ذلك: أن الإضافة مع إرادة معنى المضاف إليه ضعيفة، بسبب كون المضاف إليه غير موجود في الكلام وغير مقصود بلفظ معين، فأما نية لفظ المضاف إليه فقوية، ولما كانت الإضافة من خصائص الأسماء كانت معارضة لسبب بناء الاسم على ما ذكرناه فيما مضى، ولما كان انقطاع الاسم عن الإضافة - بحسب الظاهر - يقتضي بقاء ما ثبت له من البناء بسبب شبه الحرف في الاحتياج راعينا هذا الظاهر في حذف المضاف إليه ونية معناه؛ لضعف الإضافة حينئذ عن أن تعارض سبب البناء، وراعينا جانب الإضافة حين كانت قوية عند إرادة لفظ المضاف إليه، فافهم هذا التحقيق فإنه مفيد.
٧ - لم أقف لهذا الشاهد على نسبة إلى قائل معين، ولم أقف له على سابق أو لاحق.
اللغة: «أومن» أصله أؤمن - بهمزة مضمومة هي همزة المضارعة ضمت للبناء للمجهول، وهمزة بعدها ساكنة هي فاء الكلمة - فقلبت الهمزة الثانية واوا؛ لأن كل همزتين اجتمعتا في أول كلمة وثانيتهما ساكنة تقلب الثانية حرف مد من جنس حركة الأولى، فإذا كانت الأولى مفتوحة قلبت الثانية ألفا نحو آمن وآثر وآدم، وإن كانت الأولى مكسورة قلبت الثانية ياء نحو إيمان وإيثار وإيلاف، وإن كانت الأولى مضمومة قلبت الثانية واوا نحو أوثر وأومن وأولف «وراء» كلمة بمعنى خلف، ويكون معناها ما استتر عنك ولم تشاهده عيناك.
المعنى: لا خير في المودة التي بيننا «مثلا» إذا كنت لا تجدني أهلا لأن تأمنني على سرك وسائر شؤونك، وكنت لا تلقاني إلا لقاء من لا يقبل ولا يبش. =