شرح قطر الندى وبل الصدى (ابن هشام)،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[لأن المصدرية باعتبار ما قبلها ثلاث حالات]

صفحة 86 - الجزء 1

  النّخع وهوازن، قال سحيم:

  ١٤ - أقول لهم بالشّعب إذ يأسرونني ... ألم تيأسوا أنّي ابن فارس زهدم


١٤ - قد نسب جماعة من العلماء هذا البيت لسحيم بن وثيل اليربوعي، وتبعهم على ذلك المؤلف، وقد أنكر جماعة هذه النسبة، وقالوا: يجب أن يكون قائل هذا البيت بعض أولاد سحيم، لا سحيما نفسه، وذلك لأنه يقول في آخره «إني ابن فارس زهدم» وزهدم: اسم فرس سحيم، وروى جماعة آخرون البيت هكذا «إني ابن قاتل زهدم» ليتخلصوا من هذا الإشكال وزهدم على هذه الرواية رجل من عبس، وقد راجعت ديوان سحيم بن وثيل من أوله إلى آخره فلم أجد فيه هذا البيت، بل لم أجد له كلمة على هذا الروي.

اللغة: «الشعب» بكسر الشين وسكون العين - هو الطريق مطلقا، وقيل: هو الطريق في الجبل خاصة «يأسرونني» فعل مضارع من الأسر، أي: يأخذونني أسيرا، ويروى في مكانه «ييسرونني» على أنه من الميسر، قالوا: وكان سحيم قد وقع أسيرا في يد قوم، فاستقسموا عليه بالقداح ليأخذه من يخرج له «تيأسوا» تعلموا، وقد روي في مكانه «تعلموا» فذلك دليل على أنهما بمعنى واحد، كما استدل المؤلف على أن ييأس بمعنى يعلم بأن ابن عباس قد قرأ: أفلم يتبين الذين آمنوا في قوله سبحانه وتعالى: {أَ فَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا}.

المعنى: يقول: إنني حين وقعت في أيدي هؤلاء القوم وصرت معهم في الشعب ورأيتهم يستقسمون عليّ، قلت لهم: ألم تعلموا أنني ابن ذلك الرجل الفارس المشهور، يخوفهم بأبيه ويتهددهم بأنه لا يمكن أن يبقيه في أيديهم أسيرا، بل لا بد أن يغير عليهم ويستنقذه من أيديهم.

الإعراب: «أقول» فعل مضارع مرفوع لتجرده من الناصب والجازم، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا «لهم» اللام حرف جر، هم: ضمير الغائبين، مبني على السكون في محل جر باللام، والجار والمجرور متعلق بأقول «بالشعب» جار ومجرور متعلق بأقول أيضا «إذ» ظرف للزمان الماضي، مبني على السكون في محل نصب بأقول «يأسرونني» فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون، وواو الجماعة فاعل، مبني على السكون في محل رفع، والنون الثانية نون الوقاية، والياء ضمير المتكلم مفعول به مبني على السكون في محل نصب، والجملة من الفعل وفاعله ومفعوله في محل جر بإضافة إذ إليها «ألم» الهمزة للاستفهام التوبيخي، ولم: حرف نفي وجزم وقلب، «تيأسوا» فعل مضارع مجزوم بلم، وعلامة جزمه حذف النون، وواو الجماعة فاعل مبني على السكون في محل رفع «أني» أن: حرف توكيد ونصب، وياء المتكلم اسم أن، مبني على السكون في محل نصب «ابن» خبر أن، مرفوع بالضمة الظاهرة، وابن مضاف و «فارس» مضاف إليه مجرور بالإضافة، وعلامة جره الكسرة الظاهرة، وفارس مضاف و «زهدم» مضاف إليه، مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة في آخره، وجملة أن واسمها وخبرها في محل نصب سدت مسد مفعولي تيأسوا الذي هو بمعنى تعلموا.

الشاهد فيه: قوله «تيأسوا» فإن هذه الكلمة بمعنى تعلموا، ويؤيد ذلك أنه روي في مكانه {ألم =