[المسألة الثالثة: بعد فاء السببية في جواب نفي أو طلب]
  والنّهي، نحو قوله تعالى: {وَلا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي}(١)، والتحضيض، نحو: {لَوْ لا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ}(٢)، والتمني، نحو: {يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ}(٣)، والترجّي، كقوله تعالى: {لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ أَسْبابَ السَّماواتِ فَأَطَّلِعَ}(٤) في قراءة بعض السبعة بنصب أطلع، والدعاء كقوله:
  ١٩ - ربّ وفّقني فلا أعدل عن ... سنن السّاعين في خير سنن
= اللغة: «ناق» مرخم ناقة «عنقا» بفتح العين المهملة والنون جميعا - هو ضرب من السير السريع «فسيحا» واسعا «سليمان» هو سليمان بن عبد الملك بن مروان «نستريحا» نلقي عنا تعب السفر.
المعني: يأمر ناقته أن تجد في السفر، وتدأب عليه، حتى تصل إلى ممدوحه، وهناك يلقى هو وهي من الراحة ما ينسيهما متاعب السفر وعناءه.
الإعراب: «يا» حرف نداء، مبني على السكون لا محل له من الإعراب «ناق» منادى مرخم، وأصله يا ناقة، مبني على الضم في محل نصب، أو مبني على ضم الحرف المحذوف للترخيم في محل نصب، وتسمى الأولى لغة من لا ينتظر، والثانية لغة من ينتظر «سيري» فعل أمر، مبني على حذف النون، وياء المؤنثة المخاطبة فاعل، مبني على السكون في محل رفع «عنقا» هو مفعول مطلق، منصوب بالفتحة الظاهرة، وأصله صفة لموصوف محذوف، أي: سيرا عنقا «فسيحا» صفة لقوله عنقا «إلى» حرف جر «سليمان» مجرور بإلى، وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة لأنه اسم لا ينصرف، والمانع له من الصرف العلمية وزيادة الألف والنون «فنستريحا» الفاء فاء السببية حرف مبني على الفتح لا محل له من الإعراب، نستريح: فعل مضارع منصوب بأن المضمرة وجوبا بعد فاء السببية، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن، والألف للإطلاق.
الشاهد فيه: قوله «فنستريحا» حيث نصب الفعل المضارع، وهو قوله نستريح بأن المضمرة وجوبا بعد فاء السببية الواقعة في جواب الأمر الذي هو قوله «سيري».
(١) من الآية ٨١ من سورة طه.
(٢) من الآية ١٠ من سورة المنافقين.
(٣) من الآية ٧٣ من سورة النساء.
(٤) من الآيتين ٣٦ و ٣٧ من سورة غافر.
١٩ - هذا الشاهد من الأبيات التي لا يعرف قائلها، وقد استشهد به الأشموني في نواصب المضارع، وابن عقيل (رقم ٣٢٥) والمؤلف في شذور الذهب (رقم ١٥١).
اللغة: «وفقني» اهدني وسدد خطواتي «أعدل» أميل وأنحرف، وتقول: عدلت عن كذا؛ إذا هجرته وانحرفت عنه وتركته، وتقول: عدلت إلى كذا؛ إذا أقبلت عليه ورغبت فيه واتجهت نحوه؛ فاختلف المعنى باختلاف الحرف الذي تعدى به هذا الفعل، ومثله رغبت، تقول «رغبت في كذا» إذا أحببته، وتقول «رغبت عن كذا» إذا كرهته، ولذلك نظائر كثيرة، وهو من الدلالة الواضحة على اتساع هذه =