وأما الفصل الرابع
  على ذلك لما ورد اللفظ بأنا أعطيناهم الغنائم وآثرناهم بمال الله، فأما الغنائم فلم نشاهدها في يقظة ولا منام، ولا أخذنا من أحد غنيمة فصيرناها إليهم، وذلك معلوم وقد كانوا من جملة غيرهم قليلاً في كثير، فأقررنا كل إنسان على ما في يده، وذلك عندنا يجوز إذا رأينا في ذلك صلاحاً وقد رأيناه.
  وأما إيثارهم بمال الله:
  فالكلام فيه على نحو ما قدمنا، ومواضعه معلومة، ومصارفه معلومة، لأهل تلك المواضع، والبلاد التي تحت أيدينا صعدة وأعمالها، والظاهر وأعماله، والجوف وما يتصل به، وما به بلدة من هذه البلدان، يتعرى عن العدول والثقات والأمناء والقضاة، فما أحد منهم يعلم ذلك ولا يظنه فيما نحن نعلمه، وأكثر مال اجتمع إلينا في صنعاء، لأنه أتانا من جميع البلدان، فعلم الله لقد أمرنا يحيى بن حمزة وهو أحب الأقارب إلينا، وأعزهم علينا، بالقدوم إلى المغرب لحرب أهل مبين، وكان يمر على والدته وإخوته من أمه فسألنا شيئاً يصلهم به على وجه الهدية، فأعطيناه خمسين درهماً على يدي القاضي الأجل راشد بن الحسن(١) وشفاعته، فتثبط أياماً فأنفقها في أمور لزمته من سؤال وشعراء وغير ذلك من الحوائج، فلما عزم على النهوض كشف ذلك لنا وسألنا عوضها فامتنعنا عليه وقلنا: لم صنعت ذلك؟.
(١) القاضي العلامة قاضي أمير المؤمنين حاكم المسلمين راشد بن الحسن بن أبي يحيى الصنعاني |، كان من العلماء الكبار الجُلَّة الفضلاء، ولاه الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة القضاء، وله شعر كثير يدل على ولائه ونصرته للإمام #.