[فتح ذمار]
  فلما انقضت البيعة وأبلغ لهم في الموعظة والكلام الفصيح، الذي تنعقد الألسن عن النطق بمثله، نشر لشمس الخواص وجنده المناشير، واستمر الأمر، ونفذت الأحكام، وأقيمت الحدود، وأهريقت الخمور في المدينة حتى جرت مثل السيل.
  وكتب لأهل المدينة كتاباً بليغاً تأكيداً للحجة، وتعريفاً لما يجب لهم وعليهم، وهو مسطور في السيرة الشريفة.
[فتح ذمار]
  ولما استقر الأمر واستولى الإمام # على حصن فدة(١)، وبلغ السلطان إسماعيل العلم، فجهز عسكراً كثيراً من خيار الجند ستمائة فارس، وأمرهم إلى ذمار فوصلوا، وخرج السلطان جكو بن محمد من عند الإمام # لحربهم في قدر مائة وعشرين فارساً، وتأخر الإمام بعده يومين لقضاء أشغال بقيت، وأمره بالتوقف حتى يصله، ونهض # في عشرين فارساً وقدر ثمانمائة راجل فبلغهم كثرة جند إسماعيل فتفرق عنه الناس من قرية حِبَرَة(٢)، وما بقي سوى ستين رجلاً، وطلب منه أصحابه أن يميل إلى جازة الجبال، فقال: لا بد من لحاق أصحابنا واللهُ معنا، مع شدة الأمر، وعظم الخطب جرأة وإقداماً فسار بمن معه حتى لقي السلطان جكو وتقدم الكل في لقاء عسكر إسماعيل.
(١) فدة - بكسر الفاء وفتح الدال المهملة بعدها هاء -: حصن في وادي ضهر مشهور، وهو قلة جبل صلد معلقة لا ترتقى، وتطل على وادي ضهر من الجهة الجنوبية.
(٢) حِبَرة: بلدة قديمة حميرية خاربة، بالقرب من أضرعة في بلاد عنس من أعمال ذمار، وإليها ينسب سدا حبرة.