السعي المشكور المشتمل على نوادر رسائل الإمام المنصور القسم الأول،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

وأما الفصل السادس

صفحة 169 - الجزء 1

فصل: [حول شكر النعم والابتلاء]

  وإذا قد فرغنا من الجواب عن معظم ما أورده أرشده الله فإنا نذكر الآن ألفاظاً مما شذ عنا تمس الحاجة إلى ذكرها، وبعضها قد درج في ضمن الجواب فإعادتنا له على وجه التأكيد، ولن يتعرى من زيادة فائدة إن شاء الله، فنقول:

  نعم الله سبحانه لا تحصى وإن كثرت عن التعداد، وطبقت الأغوار والأنجاد، وعمت الحاضر والباد، فإن الكرم الذي استحق به الإلاهية، والجلال الذي استوجب به الربوبية، جعل فرض الشكر مما يدخل تحت الطاقة، ومادة الشكر ما تتجاوز حد الحاجة، ومن لم يعرف قدر نعم الله سبحانه إلا في المطعم والمشرب والمنكح والمركب فقد جهل أجلها وأفضلها، وأعمها وأكملها، فالحمد لله الذي اختصنا بولادة إبراهيم، وجعلنا من زرع إسماعيل، وآثرنا بالكون من ذرية محمد ÷ الذي أخبر وهو الصادق في خبره: «أن كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببه ونسبه»، فشكراً لمن وصل نسبنا بنسبه، وجعلنا من ذريته وعقبه، واصطفى لنا الدين القويم، وهدانا إلى الصراط المستقيم، واستخلفنا في بلاده، واستشهدنا على عباده، وفَهَّمَنَا غرائب كتابه، وعَرَّفَنا عجائب خطابه، فلا دليل أهدى من دليلنا، ولا سبيل أوضح من سبيلنا، فله الحمد كثيراً، بكرة وأصيلاً، جملة عن جملة؛ إذ التفصيل لا يدخل تحت إمكاننا، حتى يرضى وبعد الرضا.

  ولما كان الجبار سبحانه أجل كل شيء، وأعز كل شيء، ورب كل شيء، وخالق كل شيء، ومننه على كل حي، وكانت الألسن تكل عن صفة جلاله، والأعين تحسر عن إدراك معاني جماله، فقال فيه الضالون ما قالوا، فمن قائل: {وَلَدَ اللَّهُ