السعي المشكور المشتمل على نوادر رسائل الإمام المنصور القسم الأول،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الجواب على الإعتراضات على السيرة]

صفحة 241 - الجزء 1

  ذلك، فإن قصر فيه فقد شرك مُهلِكهم في هلكتهم، ولم يحسن النظر لهم، وكان قد تحرى في تركهم صلاحاً ورشداً، فوقع من ذلك في هلكه وارتكب إداً.

[من أدلة جواز أخذ الإمام الأموال لحماية الرعية]

  وسنضرب لك في ذلك أمثالاً، ونقول فيه بالصواب إن شاء الله مقالاً يصح رشده لكل ذي لب وعلم، ويبين صدقه لكل ذي تمييز وفهم: ما يقول من أنكر علينا ذلك في نفسه لو كان في قرية من قرى المسلمين، وكان أمره فيها نافذاً جارياً، وحكمه وقوله فيهم جائزاً ماضياً، ثم دلف إليها طاغية من طواغي المشركين، أو طاغوت من طواغيت الباغين، ليقتل رجالها، ويسبي نساءها، ويأخذ أموالها، ويخرب ديارها، فوجد هذا الإنسان الرئيس عليها النافذ أمره فيها أعواناً يدفع بهم عن القرية ما قد غشاها، ويزيح عنها من الهلكة ما أتاها، كان الواجب عليه في حكم الله، وفيما يجب للمسلم على المسلم أن يأخذ من أموالهم طرفاً يقوت به هؤلاء الذين يدفعون عنهم؛ حتى يسلموا من الهلكة، أم يخليهم حتى يهكلوا ويستباحوا ويقتلوا؟!

  فإن قال قائل: بل يخليهم يقتلوا قبل أن يأخذ منهم يسيراً يحييهم به، فقد أساء في القول، وجار في الحكم، وخالف الحق؛ لأن الله سبحانه يقول في كتابه: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}⁣[المائدة]، ومن فعل ذلك فقد أعان على الإثم والعدوان، وترك المعونة على البر والتقوى.

  وإن قال: بل الواجب عليَّ أن آخذ منهم ما أدفع به عنهم أحبوا أم كرهوا، وأقيم فرض الله علي فيما يلزم للمسلم على المسلم، ولا أنظر إلى قولهم إذا أبوا