السعي المشكور المشتمل على نوادر رسائل الإمام المنصور القسم الأول،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[تفقد أحوال اليتامى]

صفحة 408 - الجزء 1

  وعليك أن تتفقد أحوال الشهود في أنفسهم، وصحة بصائرهم وأبصارهم، وأديانهم وأحوالهم؟، وهل بينهم وبين المشهود عليه سبب من الأسباب التي تورث التهمة، وتُغَيِّرُ في وجه الشهادة، وتُلَوِّثُ العدالة؟، وليكن لك على ذلك جواسيس لا يشتهر حالهم فيتحرز منهم.

  وإن لم يشاهدوا الشهود عرفتهم بصفاتهم وحليتهم، وبلدانهم وأسمائهم وأسبابهم، لأنه لا بد لك من البحث عن أسماء الشهود وألقابهم، وطرف من أنسابهم، لتتمكن من البحث عن أحوالهم.

[تفقد أحوال اليتامى]

  وعليك أن تتفقد أمور اليتامى في أنفسهم، وتبحث عن أوصيائهم وولاتهم، وتتعرف خفي أحوالهم، حتى تعرف المفسد عليهم والمصلح لهم، وتستعلم علم أموالهم، دقيقها وجليلها، وكثيرها وقليلها، فما خشيت عليه التلف منها أمرت ببيعه، بعد الاستقصاء في استنضاض ثمنه، وما كنت لا تخشى تلفه أمرت بحفظه، ولا بد أن تنصب لهم ولياً مرشداً، إن لم يكن لهم وصي مرشد، ولتجعل له إن كان يعمل بالأجرة أجراً معلوماً، وأن تُطلق لهم من الإنفاق ما جرت به عادة آبائهم في معايشهم ولباسهم، وعلى قدر ما يحتمل حالهم وزمانهم، فلا يجاوز في حقهم المعتاد، ولا يقصر بهم دون ما لا بد من المراد.

  ومُرْ وليَّهم أو وصيَّهم بتنظيفهم وتنزيههم، فإن كانوا من أهل العلم فبتعليمهم ما يلزم تعليمه، والإنفاق عليهم وعلى معلميهم إن لم يصح علمهم إلا بذلك، من غير تقتير ولا تبذير، ولتحفظهم من مخالطة السفهاء، مجالسة الخبثاء، والأنس بأهل الفحشاء.