السعي المشكور المشتمل على نوادر رسائل الإمام المنصور القسم الأول،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[شروط من يستنيبهم القاضي في غيبته]

صفحة 403 - الجزء 1

  وأما السنة: سنة الرسول الملك الحكيم الذي لا يرسل إلا من وثق بحاله، وعصم من الكبائر في جميع أفعاله، وهي تفصيل كل مجمل، وفك كل مشكل، وفتح كل مقفل، فشواهد صحته ظاهرة، وحجته باهرة، معصومون من الضلالة، محروسون من الجهالة، فكانت هذه الأمور أولى ما يُرجع إليه، وأوجب ما اعتُمد عليه، فاجعل مادّتَك من هذه الأصول، فإنك إن جعلت مادّتك منها، ومفزعك إليها، لم يزل قدمك، ولم يوبقك لسانك ولا قلمك إن شاء الله، فما لم تجد في هذه الأصول مقرراً فابْنِهِ على أقرب ما يليق به منها، فإنك تكون والحال هذه كالمتحيز إلى فئة، فإن الفرار وإن كان نقصاً في الجملة، فقد أمن صاحبه برجوعه إلى الفئة من العقوبة العظمى، وغضب الملك الأعلى.

[شروط من يستنيبهم القاضي في غيبته]

  فإن مستك الضرورة، أو دعتك الحاجة إلى النهوض إلى إمامك، أو الاشتغال بأمر لا بد لك منه، ولا يد لك بدفعه، فاستخلف على وُلِّيتَ من القضاء خليفة أو خليفتين أو أكثر على قدر ما يحتمل الحال، ويقع به الاستقلال، ويؤديك إليه النظر الموفق في تحمل الأثقال، وأوصهم بما وصاك به إمامك، واهدهم لمثل ما هداك له ربك، وعرفهم بما قد حصل لك من معرفة الأحوال، ودلك عليه ذو الجلال، وذلك بعد أن تجتمع فيهم خصال يصلحون معها للنيابة:

  أولها: العقل الثاقب، والاعتقاد الصحيح، والدين الصريح، والورع الشحيح.

  أما العقل: فعليه مدار التكليف ومبنى التعبد.

  وأما الاعتقاد الصحيح: فهو أساس العمل.