[الجواب على الإعتراضات على السيرة]
[الحكمة في تأخير الإجابة]
  ولعل بعض الناكصين على الأعقاب، يقول: فلم لا يدعو على إسماعيل وشهاب؟!
  وقد اعترض بذلك مصنف سيرة يحيى بن الحسين # على نفسه فأجاب بأحسن جواب، أذكر لك معناه بلفظ وجيز:
  وهو أن الله سبحانه يمتحن أولياءه بأنواع البلوى، ليعظم لهم الجزاء، ويظهر من فضائلهم ما يستدل به أهل العقول، وقد كان لرسول الله ÷ الأعداء، فمنهم عوجل، ومنهم أملي له.
  (رجعنا):
  قلنا: وفعلنا ذلك في وقت لا يسعنا غيره، أو يسعنا فتركناه تعففاً وتورعاً، والنطاق واسع، والذيل طويل، والمال جمّ، والطالب قليل، والعدو بعيد، ولم يطُل على الناس الأمد فتقسو قلوبهم، وفي قرب عهد باستفتاحهم على الذين كفروا، وسؤالهم إماماً يقاتلون في سبيل الله بين يديه، ولقد رددنا العلف مراراً، وذكره مفصلاً يطول به الكتاب.
  فلما تقارب قيد الفحل، وقست القلوب لطول الأمد، وانخرمت الضانة(١)، ونفرت العيرانة(٢)، وصارت الأمانة خيانة، أَبَسَّتْهَا السيوف فدرّت(٣)، وسيمت
(١) الضانة: الخزامة، إذا كانت من عَقَب، وهو العصب الذي تعمل منه الأوتار.
(٢) العيرانة من الإبل: الناجية في نشاط.
(٣) أبس الناقة: إذا آنسها بالقول ليحلبها.