السعي المشكور المشتمل على نوادر رسائل الإمام المنصور القسم الأول،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

وأما الفصل السادس

صفحة 181 - الجزء 1

  الحسين بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب $، عن عمه داود بن موسى قال: وفدتُ إلى الشريفة الفاضلة زينة ابنة حمزة ^ - وكانت تُقصد كما يقصد الملوك، وتعطي فوق عطاياهم -، مشهورة بالعلم والفضل، فامتدحها بشعر رواه لي فضبطت منه:

  يا زينة الدين والتوحيد والأدب ... ويا مؤمل أهل الفقر في الحُقَبِ

  ويا ابنة الملك والأطهار من حسن ... من آل حمزة والعالين في الرتبِ

  بنت الشفيع الذي ترجو شفاعتَه ... كلُّ الخلائق من عجم ومن عَرَبِ

  لولا أبوك الذي أحيا لنا شرفاً ... وشاده طيباً في الناس لم يَطِب

  فحكى الشريف العالم الأمير أنها وصلته بستين ديناراً، وما يتبعها من كسوة وجملت حاله.

[دوح الضيف بحيد حمران]

  وروى لي غيرُ واحد لما نشأتُ وسألتُ عن دوح سدر عظيم يقال لها: دوح الضيف، وذلك بعد أن صارت منازل آل حمزة بذيبين في الموضع المعروف بحائط حمران، التي تشهد لمن شاهدها بالثراء، وتكاد أن تنبيء عن جزل القِرى، وهي يومئذ خالية، لا تُسمع فيها لاغية، ونحن نتذاكر ذلك الدوم، وما خصه بذلك الاسم فكل يقول: لأن الضيف كان ينزل تحته، وتحته البسط موضوعة للنازلين، فينزل عليها الوفود من دون أن يفتقروا إلى أحد ينزلهم، فلا تزال الكرامة والألطاف متواترة إليهم، غادية ورائحة، وطارفة ومهجرة، وينادون إلى دار الضيافة حتى يملوا المقام، أو تزعجهم الحاجات، لا يقال لأحد منهم: قَوِّض خيامك، فقد استثقلنا مقامك، ولقد حكى غير واحد أن تلك المنازل - بل منازلهم عموماً - كانت مواسم للناس، حتى يطردون بنزولها البؤس والبأس.