السعي المشكور المشتمل على نوادر رسائل الإمام المنصور القسم الأول،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[بعض حقوق المؤمنين فيما بينهم]

صفحة 343 - الجزء 1

  هذا في ذلك الزمان وأغصان الدين ناضرة، وأنواره باهرة، فكيف في عصرنا هذا، فنسأل الله التوفيق والهداية.

[بعض حقوق المؤمنين فيما بينهم]

  واعلموا أن الدين لا ينقص بنفسه، وإنما ينقص بالإحداث فيه من زيادة ونقصان؛ لأنه لا فرق في ذلك بين ترك ما أمرنا بفعله، وفعل ما أمرنا بتركه، أو إيجاب ما أمرنا بندبه، أو ندب ما أمرنا بإيجابه، كل ذلك ناقص في الدين، محظور عند رب العالمين.

  وكما أن كل واحد من المسلمين بشرف الإسلام إمام لمن دونه، فيجب عليه النظر له والمحبة والتقريب، بل ذلك مما ورد به الأمر وقضت به السنة، وقد كان الصالحون يؤثرون رضا إخوانهم وتقريبهم بترك المندوبات، حتى إن أحدهم ليدعو أخاه إلى طعامه وهو صائم تطوعاً، فيؤثر إجابته والفطر، على الصيام الذي هو لله طاعة وجُنة من النار، كما روي عن النبي ÷، وكذلك بلغنا عن رسول الله ÷.

  والأصل في ذلك: أن نفع المسلمين من متاجر الثواب، ومتينات الأسباب، إلى رب الأرباب، فكيف نتوانى فيه، ونترك الاستقامة على أمر لا أثر فيه، وقد روينا عن النبي ÷ أنه قال: «من نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب الآخرة، ومن ستر على مسلم ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه المسلم، ومن يسر على مسلم يسر الله عليه»⁣(⁣١).


(١) رواه الإمام الهادي إلى الحق في الأحكام (٢/)، وفي أمالي الإمام أحمد بن عيسى (٨٨٩)، والإمام المرشد بالله في الأمالي الخميسية (٩١٢).