السعي المشكور المشتمل على نوادر رسائل الإمام المنصور القسم الأول،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الجواب على الإعتراضات على السيرة]

صفحة 255 - الجزء 1

  كل حادثة مبيناً فيما تقدم، بياناً لا يفتقر إلى النظر، فلم تفِ لهم المشاهدة بما قالوا.

  فقالوا: إن القرآن قد نقص منه، رداً لقوله تعالى {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ٩}⁣[الحجر]، ولما يعلم من دين المسلمين ضرورة أن هذا القرآن هو الذي بين أظهرنا بغير زيادة ولا نقصان.

[أمر الداعي مع الناصرية والقاسمية]

  وقد علمت القصة العجيبة في أمر الناصرية والقاسمية بالجيل وديلمان قبل وصول أمر الداعي #، وما كانوا عليه من التضليل والتفسيق، وربما بلغوا إلى التكفير، القاسمية تكفر من خالف القاسم # في مسائل الفروع، والناصرية تكفر من خالف الناصر # في مثل ذلك، حتى وصل المهدي لدين الله محمد بن الحسن الداعي # وعرفهم أن كل واحد من القولين حق وصواب، وأن الخلاف في الفروع غير الخلاف في الأصول، وأن أهل البيت $ في الأصول على قول واحد، وفي الفروع كل مجتهد منهم ممن بلغ درجة الاجتهاد مصيب، وقوله حق، وتابعه ناج، فاستمروا بعد تعب وجدال طويل، ولولا علمهم على سبيل الجملة أنه عالم لا يجارى ما انقادوا له، وبقيت منهم بقية هينة، يسمون من صوب الرأيين: أصحاب القولين، وكان لهم شيخ يقال له بُنيديره، وكان قد تبرّم به لكثرة تلونه، وقلة ثباته، وقبوله للحق بعد انقطاعه، فقال لمحمد بن الحسن ذات يوم: يا ابن رسول الله صف لنا صفة المنافق.