السعي المشكور المشتمل على نوادر رسائل الإمام المنصور القسم الأول،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[آداب مجلس القاضي مع الخصوم]

صفحة 405 - الجزء 1

  والاعتماد عليه دون غيره، فإن كنت من أهل الاجتهاد لزمك قوله كما يلزم سائر الأمة، فهذه الخاصة في باب العلم.

  فأما باقي الوجوه فلا بد من اشتراطها في خليفتك، فتيقظ له وكن على يقين فيه، وألزم خليفتك الجلوس في مجلسك، والتحلي بمثل حالك.

[آداب مجلس القاضي مع الخصوم]

  واعلم أن مجلسك ينبغي أن تجعله في مكان معلوم، لا يصعب على الخصوم فيه الوقوف بين يديك، ولا عليك القعود لهم لفصل الخطاب، ولا تكن فيه حواجز تمنعك من النظر إلى بعضهم، ولا مراتب يختص بها بعضهم دون بعض، بل يكون مكانهم مستوياً.

  واعلم أن ربك مع قهر قدرته، وغلبة جنده، وتعالي جده، لما أراد الحكم بين عباده بسط لهم قاعاً صفصفاً، لا ترى فيها عوجاً ولا أمتاً، ولو أن أحد الخصوم جاء بكرسي أو بشيء مما يعليه على خصمه، كان عليك أن تمنعه من الاستعلاء عليه، قبل فصل الخصومة، فإن كان شيئاً خفيفاً يتوقاه من الأرض فلا بأس به، إلا أن يكون خصمه ذمياً أ كافراً أي كفر كان، فإن له أن يجلس على أنشز مما يجلس عليه الذمي، فإذا فرغ من خصومته فله أن يجلس على ما شاء.

  وإن أساء أحد الخصمين أدبه عليك أو على خصمه كان لك تأديبه بما شئت من جلد أو حبس.

  وإن رأيت أن تنحي الخصوم إذا تكاثروا عليك عن مجلسك وتقدمهم خصمين خصمين فلا بأس في ذلك، وإن شئت أن تستظهر بكتابة أسمائهم في رقاع وتدعو بهم فئة فئة، فذلك سائغ في النظر.