السعي المشكور المشتمل على نوادر رسائل الإمام المنصور القسم الأول،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[موعظة ونصيحة]

صفحة 339 - الجزء 1

  أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض»⁣(⁣١)، استشهدهم على عباده فصاروا بذلك أئمة عدولاً، واستخلفهم في بلاده اصطفاء وتفضلاً، وشرف وعظم وسلم وكرم.

[موعظة ونصيحة]

  وبعد ذلك: أيها الإخوان الذين وجب علينا في الله سبحانه ودادُهم، وصح - لاتباعهم منهاج عترة نبيهم - اعتقادُهم، فإني أوصيكم ونفسي بتقوى الله التي من جعلها شعاره أمن لوعة الندامة، في موقف القيامة، وتخلص من أهوال الطامة وما الطامة، حادثة تجعل الولدان شيباً، والموفور سليباً، والمحضور وحيداً غريباً، واقعة تظل لها السماء منفطرة، والشمس مكورة، والقبور مبعثرة، والبحار مفجرة، وتذهل فيها كل مرضعة عما أرضعت، وتضع كل ذات حمل حملها، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد، فيا لها حسرة ما أهمها وأطمها، سيما على من فرط في أيام حياته، ولم يستكثر من الاستعداد ليوم وفاته، يوم يسلمه فيه البنون والإخوان، والحفدة والأعوان، والأصحاب والحُزَّان، وكل من كان له عنده شأن من الشأن، ويصحبه فيه عمله الذي كان مدة حياته فيه زاهداً، وعنه طول أيامه لاهياً وهاجداً، فيندم حينئذ على إصلاحه وتوفيره، وطال ما نقصه بزيادة غيره ولات حين مندم.

  ألا فعادوا - رحمكم الله - في الله سبحانه أولادكم وأموالكم، وصادقوا أعمالكم، فيا أيها المغرور - وكلنا ذلك المغرور إلا من رحم الكريم، وعصم الرحيم - هلا اهتممت بصاحبك في الوحدة، وأنيسك في الوحشة، وجُنَّتِك من النار، ووسيلتك إلى الجبار،


(١) حديث الثقلين من الأحاديث المتواترة المشهورة عند الموالف والمخالف.