السعي المشكور المشتمل على نوادر رسائل الإمام المنصور القسم الأول،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الإنكار على الغلو في أمر الطهارة]

صفحة 347 - الجزء 1

  فإن ذلك مما يزيد في قربه وأُنسه، وإنما وضع هذا الدين الشريف، على التوسيع والتخفيف، ولم يوضع على التضييق والتعنيف.

  أين هذا من تعبد قومٍ أُمروا بقتل أنفسهم فبركوا على ركبهم، وحزوا أعناقهم بسيوفهم، طلباً لرضا ربهم، فنحمد من وضع عنا هذه الآصار الكبار، ببركة محمد المختار، وعلم الواحد القهار.

[الإنكار على الغلو في أمر الطهارة]

  ولقد بلغنا عن غيركم - فنسأل الله إرشادكم - في هذا الأوان، أن الأمر تناهى بهم إلى أن صاروا يقطعون ثيابهم إذا أصابتهم النجاسات، فردوا الآصار التي وضعها الله عنهم، وأوجب عليهم شكر ذلك.

  وجملة الأمر: أنها أمور من أدخل نفسه فيها لم ينته إلى غاية، ومهما وجدتم في كتاب الله سبحانه وسنة نبيه ÷ من الحث على الطهارات، فإنما هو التطهر من النجاسات والقاذورات، لا من إخوانكم المؤمنين والمؤمنات، والنجاسات فقد صارت بحمد الله معلومة مفصلة، فلا وجه للتطويل بذكرها ها هنا.

  وقد روينا أن بعض أزواج النبي ÷ اغتسلت من جنابة بماء في إناء فأبقت في الإناء منه شيئاً فجاء النبي ÷ يتوضأ به، فقالت: يا رسول الله إنه بقايا ماء اغتسلت به، فقال: «إن الماء لا ينجسه شيء»⁣(⁣١).


(١) رواه الإمام أحمد بن سليمان في أصول الأحكام، كتاب الطهارة، باب المياه (١/ ٧) رقم (١٣)، وأبو داود في السنن (١/ ١٨)، كتاب الطهارة، باب الماء لا يجنب، حديث رقم (٦٨)، والنسائي في السنن (١/ ١٧٣)، كتاب المياه، رقم (٣٢٥).