وأما الفصل الرابع
  ثم سألنا مرة أخرى ديناراً واحداً، فما تالله قبضه منا ولا أعطيناه، إيثاراً وترجيحاً لما يصير إلى غيره على ما يصير إليه، لعلمنا باستقامته وإن منعناه، وإلا فهو أنفع من غيره وأحق لو أعطيناه، فهذه حكايتنا عن أنفسنا، ولا يمتنع أن يعلم بها بعض من يوثق به ممن عاشرنا، فإن كان الفقيه - أرشده الله - يعلم شيئاً منا مناقضاً، فما هو عندنا بضنين.
وأما الركوب:
  فقد ركّبناهم كما رَكَّبنا غيرهم، ولقد اشترى الشيخ الأجل ظهير الدين فرساً أخضر، وأمر به إلينا إلى شبام، والمذكور - أعني: يحيى بن حمزة - بلا فرس، وقيمة الفرس مائتا دينار وزيادة قليل، فسأَلَنا إعطاءه إياه - وهو إذ ذاك أحق في باب نفع الإسلام - فما أعطيناه ذلك إلا بعد سؤال شديد وطلب ملح، بعد أن كنا أخذنا فرسه - وكان من جياد الخيل - فأعطيناه سيف الدين، ولو كان غيره لهان علينا كما جرت به العادة، فأقام معه إلى أن نابتنا حاجة في باب الدين، فأخذناه منه وبعض ثيابه، فدفعناه في ذلك الوجه، وشرينا له - عوضاً عن ذلك - الْمُهْرَ الذي معه اليوم من ابن مطرف بمائتين وثمانين، والحسن بن حمزة شرينا له الفرس الأشقر الذي تحته بمائتين وعشرين، وإبراهيم اشترى فرسه بنفسه، فبعض منه دفعه من زراعته لنا، وبعضه دفعه من بيت المال، وبعضه باق عليه إلى الآن، فهؤلاء إخوتي، وأحب الناس إلي، وأكثر الناس عناية في هذا الأمر، وأشدهم ملازمة في الخدمة، فانظر إلى هذا الإيثار ما أعجبه، ومع ذلك فإنهم قبل هذا القيام ما ركبوا إلا عتاق الخيل، التي مبالغ أثمانها أكثر من أثمان ما ذكرناه، والحال في ذلك ظاهرة.
  وأما ما ذكره من إقصائنا المسلمين: