[المفاسد المترتبة على التشدد]
  حَسَنَةٌ}[الأحزاب: ٢١]، وموضع الكلام في هذا الباب أصول الفقه، وقد استوفينا ما يحتاج إليه منه في كتاب (الصفوة) وهو عندكم فتأملوه في باب الأفعال.
[المفاسد المترتبة على التشدد]
  فإذا كان ذلك كذلك وأتى مسترشد من العامة أو غير مسترشد - فقد كان أكثر الناس يأتي إلى رسول الله ÷ وإلى الصحابة للطعن والمنافرة، فيرى من لين الجانب والتوسع والانبساط ما يحمله على الإسلام - ورأى التشديد في ذلك بينكم، واعتزالكم بعضكم لبعض، وتحرز كل منكم عن صاحبه، وهو يعلم لما هو فيه من الأشغال أنه لا يبلغ إلى درجة الممنوع، مع أني قد أُعلِمتُ أن المسألة قد صارت شاملة، وعذر الأصغر عندي أهون؛ لأنه يريد الطلوع إلى الدرجة العليا من رضوان الله، واعتقد أن الدين لا يستقيم إلا بذلك، وأن الشرع الشريف وضع كذلك، فصار لطفاً له فيما قد شاهدنا في بُعدِه عن الدين، ونأيه من رَوح رب العالمين.
  وكذلك أيضاً لو رأى رجلاً من أولياء الله الصالحين يعمل بالواجب عليه والمندوب إليه في الطهارة، وقد رأى تلك الأمور الشديدة المقدم ذكرها دعاه ذلك إلى استقصاره والزهد فيه، وقلة قبول الحق منه، فكان ذلك الفعل داعياً له إلى إساءة الظن بالصالحين، وإنما نحن رحمكم الله في سوق ربحها الجنة وخسارتها النار، فنسأل الله تعالى التوفيق.
  فالواجب على العاقل أن يتحرى الأمور التي تكون الفائدة فيها أكبر، وتكون مواقعة الخطأ أبعد، ونحن وإن قلنا إن التعرض للثواب لا يجب - من حيث إنه جلب