الكلام في الفصل الأول
  وصدَّره في المجلس، ومن المعلوم ضرورة أنه لم يعمل مثل ذلك لسلمان والمقداد وعمار وأمثالهم من خيار الصحابة ¤، ولا كان منهم لَمَّا فعل ذلك إنكار فعله #، ولا قول: إنك عظمت من لا يستحق التعظيم وإنّا أعلى منزلة عند الله، فلم آثرته علينا بهذا اليامي إلى يوم التناد.
  فأما مشاورة المذكورين: فما وقع أمر ملتبس فتقع فيه مشورة كتمناها عن أهل النظر، إنما كنا على ظهر سفر، وقد أجمع رأينا في الجوف على قصد العدو فكنا في قصده، وهو المُشيرُ بذلك نظماً ونثراً، وجوابنا له بمثل ذلك دون المذكورين، فأما أن يأتي أحدهم لأمر يخصه، أو لحاجة يكتمها من غيره، أو بتخويف يرى في كتمانه مصلحة، فلا يمتنع ذلك ولا من حقنا أن نرد من أتى بمثل ذلك.
  ثم ذكر رسائل وأشعاراً وأجوبة لم يجب بمثلها من التعظيم وغيره، وذَكَرَهَا بلفظ الاستصغار، إلى أن انتهى إلى ذكر صنعاء وذمار، وما تخلل ذلك من القصص والأخبار.
[ذكر الأمير محمد بن إبراهيم ومواقفه الكريمة]
  وعقب ذلك بذكر الأمير صفي الدين محمد بن إبراهيم(١) وما حكاه عنه من الجبن الظاهر والبخل نعوذ بالله منهما:
  وهذان أمران لا يمكن كتمانهما، ولا يصح دعوى زوالهما، عمن أشربهما طبعه، ممن يعاشر أهل الدنيا، فأما مبلغ علمنا، ومنتهى فهمنا، في المذكور فإنه من حال صغره سيف من سيوف الحق القاطعة، ونجم من نجومه الطالعة، وله في حال حداثته في
(١) الأمير الأجل صفي الدين ذو الكفايتين، محمد بن إبراهيم بن محمد بن الحسين بن حمزة بن أبي هاشم، من قواد الإمام المنصور بالله # وثقاته.