السعي المشكور المشتمل على نوادر رسائل الإمام المنصور القسم الأول،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

الفصل الخامس

صفحة 157 - الجزء 1

  وهذه الرسالة مارّة عليهم فيعلمون صدق ما ذكرنا، فإن أحس - أرشده الله - من نفسه أنه أعلم بذلك منا، فليس ذلك بقادح في أمرنا؛ لأنا لا نشرط كون الإمام أعلم الناس إذا كان معدوداً في العلماء، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، وقد قال سبحانه: {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ٧٦}⁣[يوسف: ٧٦].

  وأعاد الكلام في أمر الحريم، وقد تقدم الجواب عن ذلك.

  ثم بنى على ذلك أن الجند الطالبين لسلبهن يكونون بغاة، وأنه يجوز لمن دفعهم عن نفسه قتلهم، ويحرم عليهم قتله.

  فصوَّب القرابلي⁣(⁣١) وأهل حرض، ولولا دفاع الله لانتهى الحال إلى التصويب لإسماعيل⁣(⁣٢) وتخطئتنا، لكثرة العلم والفحص عن المسائل، وما هذا من الأول بعجيب.

[رأي الإمام # في سلب نساء البغاة]

  وقد بينا أن اجتهادنا جواز سلبهن وأخذ ما معهن؛ لأنه قوة لرجالهن البغاة، وهن لهم آلة في أنفسهن، فكيف في أموالهن إلا الشيء اليسير كالثوب والخمار، لكونهن عورة.

  هذا وإن كان الغالب أنهن لم يُسلبن، ولا أمرنا بسلبهن، ولو سُلبن ما قدح ذلك في أمرنا؛ لأن في سيرة الهادي # أنه لما أخذ نجران وصعد على بني الحارث


(١) علي بن أبي بكر القرابلي، من أكبر أعوان الغز وولاتهم في الجهات التهامية.

(٢) هو الملك المعز إسماعيل بن طغتكين بن أيوب، ملك بعد وفاة أبيه، سنة (٥٩٣) ه، كان مجرماً مصراً على الظلم وشرب الخمر، أهوج كثير التخاليط، حتى أنه ادعى أنه قرشيّ من بني أمية، وخطب لنفسه بالخلافة وتلقب بالهادي، وقيل كان مولعاً بذبح بني آدم وأكل لحومهم، وكان سيء السيرة مع أجناده وأمرائه، وأخاف مماليك أبيه، فهرب منهم طائفة، وكان معظم جنده من الأكراد، فوثبوا عليه فقتلوه في رجب سنة (٥٩٨) ه، خارج مدينة زبيد، واستمر ملكه خمس سنوات.