وأما الفصل السادس
  الأثقال، وأشدنا بذكره، وبُحنَا بشكره، ولما كنا في ناحية صعدة وتلك الديار ما قطعنا أمراً دون رأيهم، ولأنا لو غلب ظننا صواب أمر وعلمناه لم تجب علينا المشاورة فيه.
[رجوع النبي صلى الله عليه وآله في بعض آراءه للمصلحة]
  فإن رسول الله ÷ قد عمل أموراً من غير مشورة لأهل الآراء فردت عليه فرجع إليها:
  وذلك أن الأحزاب لما نزلوا بساحة المدينة كتب كتاب صلح بينه وبينهم على نصف تمر المدينة، فجاءه السعدان فقالا: رأي من الله أم رأي رأيته؟.
  فقال: بل رأي رأيته، فمزقا الكتاب، وقالا: يا رسول الله صلى الله عليك لقد كنا في الكفر وعبادة الأوثان فما طمعوا في تمرة من تمرها إلا أن تكون قِرى أو شراء، فكيف وقد أعزنا الله بالإسلام وبك يا رسول الله صلى الله عليك.
  وكذلك لما حط في بدر في أسفل الوادي قالوا: منزل أنزلناه الله لا ينبغي أن نتعداه إلى غيره، أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟
  قال: بل الرأي والحرب والمكيدة.
  قالوا: فالرأي أن نحط في أعلى الوادي نقابل العدو من وجه واحد ونحوزه الماء خلف ظهورنا.
  كذلك إخواننا في اليمن ما ولينا أحداً إلا لأمر ومصلحة نعلمها أو نظنها، وما تركنا نزعه إلا لمثل ذلك.