السعي المشكور المشتمل على نوادر رسائل الإمام المنصور القسم الأول،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

وأما الفصل السادس

صفحة 173 - الجزء 1

  مَا لَنَا لَا نَرَى رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرَارِ ٦٢ أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ ٦٣}⁣[ص].

[لزوم حسن الظن بالأئمة]

  واعلم - أرشدك الله - أن أصل الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد: حسن الظن بالمؤمنين.

  وأصل الدحوض والزلل، والميل والخطل - نعوذ بالله منه -: سوء الظن بالصالحين، وإذا كانت الأصول مقدرة، والأساس ثابتة، والأعلام نيرة، وكانت البلاد التي حكى فيها الفقيه - أرشده الله - الجور معروفة، والقوم الذين أطلق عليهم ما لا مساغ فيه للتأويل معروفون، فهذا أمر لا مجال فيه للظن بوجه من الوجوه؛ لأن ما به بلد من البلاد التي ذكرها وأشار إليها إلا وفيها صالحون مؤمنون، وها هم بحمد الله بألسن الثناء علينا ناطقون، ولله سبحانه على استقامة أمورنا حامدون، ولسيرتنا في الأمة راضون، وبمعاني ما حققنا عارفون، غير شاكين ولا منكرين ولا مصرين ولا مستكبرين.

  وأما القوم الذين سماهم الظلمة الخونة الفجرة: فهذه الألفاظ لا يجوز إطلاقها إلا بكبيرة تشفعها دلالة شرعية، أو حجة عقلية على وجه لا يعلم المطلق لها وجهاً يحمل ذلك الفعل أو الترك لأجله على الصحة إذا كان الأصل السلامة، فأين هذا يوجد؟.

  وإن كان - أرشده الله - على بصيرة في ذلك فهو مؤتمن على دينه ولم يلزمنا تكليفه، وإن كان على غير ذلك فما أولاه بالرجوع إلى الصواب.

  وليعلم - أرشده الله - أن هذه المطاعن والأكاليم لا تتعلق إلا على من فضله الله سبحانه فيمتحن الناس بأمره، فبين محب غال، ولازم لطريقة الحق، ومبغض قَالٍ