السعي المشكور المشتمل على نوادر رسائل الإمام المنصور القسم الأول،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الجواب على الإعتراضات على السيرة]

صفحة 248 - الجزء 1

[بم تثبت الإمامة في الإمام من آل رسول الله ÷؟]

  وسألت عن إثبات الإمامة في الإمام من آل رسول الله ÷، فقلت: بما تثبت له أبعقد الناس وإجماعهم عليه، أم برواية رويت عن الرسول فيه، أم بغير ذلك؟

  واعلم هداك الله أن الإمامة لا تثبت بإجماع الأمة، ولا بعقد برية، ولا برواية مروية، ولكن تثبت لصاحبها بتثبيت الله لها فيه، وبعقدها في رقاب من أوجبها عليه من جميع خلقه وأهل دينه وحقه، وذلك قوله سبحانه: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}⁣[النساء: ٥٩]، وأولو الأمر الذين أمروا بالكينونة معهم فهم الصادقون بادعاء الإمامة، وهم المستوجبون لها والمستحقون لفرضها، وهم من كانت فيه الصفات التي تجب له بها الإمامة: من ولادة الرسول، والعلم، والدين، والزهد، والورع، والمجاهدة لأعداء الله من كشف رأسه، وسل سيفه، ونشر رايته، ودعا إلى الحق وعمل به، وزاحف الصفوف بالصفوف، وأزلف الألوف إلى الألوف، وخاض في طاعة الله الحتوف، وضرب بالسيوف الأنوف، وأقام حدود الله على من استوجبها، وأخذ أموال الله من مواضعها، وصرفها في وجوهها، وكان رحيماً بالمؤمنين، مجاهداً غليظاً على الكافرين والمنافقين، معه علَمُه ودليله. والعلَم والدليل: الكلام بالحكمة، وحسن التعبير، والجواب عند المسألة، والفهم لدقائق غامض الكتاب، ولدقائق غيره من كل الأسباب التي يعجز عن استنباطها غيره، ويضعف عن تثبيتها سواه، فمن كان في الصفة كما ذكرنا، وفي الأمر كما قلنا فهو الإمام الذي عقد الله له الإمامة، وحكم له على الخلق بالطاعة فمن اتبعه رشد واهتدى، وأطاع الله فيما أمر به واتقى، ومن