وأما الفصل السادس
  مفتون بالبغضة، فَضَلَّ وأَضَلَّ، فاليمين والشمال مضلة، والنهج الوسطى، ونحن بحمد الله النمرقة الوسطى، إلينا يرجع الغالي، وبنا يلحق التالي، وأكثر ما يؤتى الناس في أهل الرفعة والجلالة عند الله سبحانه:
  أنهم إذا صاروا بتلك الحال تعلقت بهم الحاجات، وتزاحمت الطلبات، فمهما تعذر منها - ولا بد أن يتعذر - كان ذنباً عظيماً عند مَن يسخط عليهم، ولا ينظر بنور ربه في أمرهم، فيطعن عليهم مع علمه بجلالتهم، ثم يطلب الحجة على تصحيح قوله، لأن يُعذَر عند الناس فيما ارتكب من العظيم في أمرهم؛ إذ الأكثر من أهل الصلاح ثابت على طريق الاستقامة، ثم يتقوى هذا الأمر حتى تصير المحاسن عنده مساوي، والروابي في عينه مهاوي، ومن بلغ إلى هذه الحال، فقلّ ما يتمكن من النظر لصحة الاستدلال، وما أحسن قول الشاعر:
  لو لم يكن لك في القلوب مهابة ... لم يطعن الأعداء فيك ويطمحوا
  نظروا إليك بأعين ولو أنها ... عين الرضا لاستحسنوا ما استقبحوا
  وقد قال رسول الله ÷: «تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميصة، تعس وانتكس، وإذا اشتاك فلا انتقش، إن أعطي رضي، وإن لم يعط غضب، رحم الله عبداً أخذ بعنان فرسه، وجاهد في سبيل ربه».
  فانظر أيها الفقيه - أرشدك الله - في حال الغضب نظرَ الرضا، واذكر في حال ذِكر الإساءة وجوهَ الإحسان.